يواجه قطاع السيارات في ألمانيا أزمة غير مسبوقة، حيث أعلن أكبر اتحاد عمالي في البلاد عزمه دراسة جميع الخيارات المتاحة. بما في ذلك تطبيق أسبوع عمل من أربعة أيام، في ظل تهديدات شركة “فولكسفاغن” بإغلاق بعض مصانعها. هذه الخطوة غير المسبوقة تأتي وسط تحديات كبيرة تواجهها الشركة. بما في ذلك تباطؤ الطلب على السيارات، خاصة الكهربائية، وتزايد المنافسة من الصين.
أعلنت “فولكسفاغن” -التي تعد من أكبر شركات السيارات في العالم- أنها تدرس إنهاء برنامج الأمن الوظيفي الذي اعتمدته لعقود. وهو ما يهدد مستقبل الآلاف من موظفيها في ستة مصانع بألمانيا. وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة أوسع لخفض التكاليف بقيمة 10 مليارات يورو (11 مليار دولار)، وهو ما دفع الاتحاد العمالي للتصعيد ودراسة خيارات بديلة.
في حديث لها، أكدت كريستيان بينر، رئيسة نقابة “إيه جيه ميتال”، أن فكرة الانتقال إلى أسبوع عمل من أربعة أيام “ممكنة”، مشيرة إلى أن الاتحاد لن يستثني أي فكرة في مفاوضاته المقبلة. ومن المقرر أن تبدأ هذه المفاوضات بين إدارة الشركة والنقابات العمالية في منتصف أكتوبر، مع احتمالية إعلان إضرابات بحلول نهاية نوفمبر.
تأتي هذه التحديات في وقت حساس لفولكسفاغن، حيث يشير المحللون إلى أن هيكل الحوكمة المعقد للشركة يبطئ من قدرتها على اتخاذ قرارات سريعة في ظل الأزمات. مما يزيد من صعوبة تجاوزها هذه المرحلة الحرجة. سيكون لنتائج هذه المفاوضات تأثير كبير على مستقبل صناعة السيارات في ألمانيا وعلى العمال الذين يعتمدون على هذه الصناعة بشكل مباشر.
ضغوط متزايدة
بالإضافة إلى ذلك، تواجه “فولكسفاغن” ضغطاً متزايداً من سوق السيارات العالمي، خاصة مع تباطؤ الطلب على السيارات التقليدية والنمو السريع في قطاع السيارات الكهربائية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الشركة للتركيز على السيارات الكهربائية. إلا أن المنافسة المتزايدة من الشركات الصينية، التي تقدم سيارات بأسعار تنافسية، تعقد من قدرتها على استعادة حصتها السوقية.
يتوقع الكثيرون أن تكون المفاوضات المقبلة بين “فولكسفاغن” والنقابات العمالية حاسمة لمستقبل الشركة وموظفيها في ألمانيا. فالانتقال إلى أسبوع عمل من أربعة أيام قد يكون حلاً لتجنب إغلاق المصانع وتسريح العمال. لكنه أيضاً يشكل تحدياً فيما يتعلق بإنتاجية الشركة وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد على سياراتها في السوق العالمية.
من جانب آخر، يتابع المستثمرون والمحللون هذه الأزمة عن كثب، حيث يعتبر البعض أن الأزمة الحالية تعكس مشكلات أعمق تتعلق ببطء اتخاذ القرار في الشركة. وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات المستقبلية إذا لم يتم إصلاح هيكل الحوكمة.
في النهاية، ستشكل نتائج هذه المفاوضات محطة فارقة ليس فقط لموظفي “فولكسفاغن” بل لصناعة السيارات الألمانية بشكل عام. التي تواجه تحديات جديدة في عصر التحول إلى الطاقة النظيفة والمنافسة العالمية المتزايدة. سيتعين على “فولكسفاغن” إيجاد توازن بين الحفاظ على استقرار وظائف موظفيها وضمان استمراريتها في مواجهة تحديات السوق المستقبلية.
المصدر: وكالات