في مقال رأي نشرته وكالة “بلومبرغ”، أشار الكاتب الأميركي هال براندز إلى التحولات المفاجئة التي شهدها العام الماضي، مسلطًا الضوء على تصاعد التوترات في منطقة البحر الأحمر ودور الحوثيين فيها. ويعتبر براندز أن أكبر المفاجآت هو نجاح الحوثيين، الذين كانوا مجهولين لدى معظم الأميركيين. في تحدي الولايات المتحدة، القوة العظمى عالميًا، من خلال تهديد حرية البحار في هذا الممر الحيوي.
تأتي هذه التطورات في سياق أوسع من الأحداث الجارية في الشرق الأوسط. فقد أشار الكاتب إلى الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس، والذي أدى إلى واحدة من أكثر الأيام دموية في تاريخ إسرائيل منذ المحرقة، بالإضافة إلى الهجمات الإيرانية الكبرى بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل. ومع ذلك، يرى براندز أن الحوثيين كانوا أكبر المفاجآت، حيث استخدموا قدرات بسيطة نسبيًا لكنها فعالة لتحدي الهيمنة البحرية الأميركية.
وأوضح براندز أن الجيش الأميركي، الذي يعاني من الإرهاق ويواجه نقصًا في المعدات الحربية المتقدمة مثل الصواريخ المجنحة والطائرات الهجومية، أصبح في مواجهة غير حاسمة مع الحوثيين. وأضاف أن معركة البحر الأحمر أظهرت ضعف قدرة الولايات المتحدة على الرد بفعالية على تهديدات غير تقليدية من قوى أصغر.
وختامًا، يرى الكاتب أن الحوثيين تمكنوا من قلب موازين القوة البحرية في منطقة حيوية بالنسبة للتجارة العالمية، ودفعوا ثمنًا بسيطًا مقابل هذا التأثير الكبير.
تداعيات على الولايات المتحدة
تداعيات هذا التحدي الذي فرضه الحوثيون على الولايات المتحدة لا تقتصر فقط على الجانب العسكري، بل تتعدى ذلك إلى تهديد حركة التجارة الدولية في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات البحرية في العالم. هذا الممر يعتبر شريانًا حيويًا لحركة النفط والبضائع بين آسيا وأوروبا، وأي اضطراب فيه قد يؤدي إلى أزمات اقتصادية عالمية.
براندز يشير إلى أن ما يجعل هذا الوضع أكثر خطورة هو قدرة الحوثيين على تحقيق تأثير هائل باستخدام موارد بسيطة نسبيًا. فقد اعتمدوا على تكتيكات غير تقليدية وتكنولوجيا منخفضة التكلفة لتعطيل مسار بحر كان يُعتقد أنه مؤمن بالكامل من قبل القوى العظمى. هذا النجاح الحوثي يعكس قدرة القوى غير التقليدية على تحدي النظام العالمي وفرض نفوذها في مناطق حساسة، وهو ما يمثل تغييرًا جوهريًا في ديناميكيات الصراع العسكري والسياسي.
على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال القوة البحرية المهيمنة عالميًا، فإن معركة البحر الأحمر تبرز نقاط ضعف مهمة في استراتيجياتها. فالجيش الأميركي بات يواجه تحديات متزايدة في مواكبة التهديدات المتعددة والمفاجئة، ما يضعف قدرته على الحفاظ على سيطرته التقليدية في مناطق مثل البحر الأحمر.
يختتم براندز مقاله بالتحذير من أن تجاهل هذه التحديات قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في النفوذ الأميركي العالمي، وأن على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات حاسمة لتعزيز قدراتها والاستعداد لمواجهة تهديدات جديدة وغير تقليدية.
المصدر: وكالة بلومبرغ