في حدث غير مسبوق، شهدت الأراضي المحتلة خروج أكثر من نصف مليون مستوطن في مظاهرة حاشدة. للمطالبة بعقد صفقة مع المقاومة الفلسطينية. تجمع المتظاهرون في العديد من المدن الكبرى، حاملين لافتات وشعارات تدعو إلى إيجاد حل سياسي مع المقاومة. في ظل تصاعد العنف وتدهور الأوضاع الأمنية في الأشهر الأخيرة.
وتأتي هذه المظاهرات بعد تزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية من مختلف الأطراف، بما في ذلك المستوطنون أنفسهم. الذين يعيشون في مستوطنات تقع في مناطق متوترة تشهد مواجهات مستمرة مع الفلسطينيين. ويعتبر المتظاهرون أن التوصل إلى اتفاق مع المقاومة من شأنه أن يخفف من حدة التوترات ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وصرح أحد منظمي المظاهرة بأن “الشعب تعب من حالة الحرب المستمرة والعيش في ظل التهديدات الأمنية. نحن نريد السلام، ونعرف أن الطريق إلى ذلك يمر عبر التفاوض مع المقاومة”. كما دعا المتظاهرون الحكومة الإسرائيلية إلى التحرك بسرعة لإبرام صفقة تشمل تبادل الأسرى وتحقيق هدوء طويل الأمد.
في المقابل، تواجه هذه المطالب مقاومة من التيار اليميني المتشدد في إسرائيل، الذي يرفض أي شكل من أشكال التفاوض مع المقاومة الفلسطينية. ومع ذلك، تعكس هذه المظاهرات تحولاً في المزاج العام داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث يبدو أن هناك رغبة متزايدة لإيجاد حلول سياسية بدلاً من الاعتماد على القوة العسكرية فقط.
المظاهرة تعد واحدة من أكبر الاحتجاجات في تاريخ إسرائيل، مما يجعلها إشارة قوية على أهمية هذا الموضوع في النقاش السياسي الحالي.
وفي ضوء هذا الحدث، يتوقع أن تزداد الضغوط على القيادة السياسية في إسرائيل لاتخاذ موقف أكثر مرونة بشأن التفاوض مع المقاومة. حتى الآن، لم تصدر الحكومة الإسرائيلية تعليقًا رسميًا على هذه المظاهرات، إلا أن بعض المسؤولين أبدوا تخوفهم من تأثيرها على موقف إسرائيل التفاوضي.
من جهتها، لم ترد المقاومة الفلسطينية بشكل مباشر على هذه التحركات الشعبية في إسرائيل. لكنها كانت قد أكدت في مناسبات سابقة استعدادها للتفاوض إذا ما توفرت الظروف الملائمة. ويدور الحديث عن إمكانية إبرام صفقة شاملة تشمل تهدئة طويلة الأمد وتبادل الأسرى، وهو ما قد يسهم في تخفيف التوترات المتصاعدة.
ويرى محللون أن هذه المظاهرات تعكس تغيرًا في المزاج الشعبي الإسرائيلي. حيث بدأ قطاع واسع من المستوطنين يشعر بأن الحلول العسكرية ليست كافية لتحقيق الأمان والاستقرار الدائمين. وبينما يظل موقف الحكومة الإسرائيلية المتشدد عقبة أمام تحقيق هذه المطالب، فإن مثل هذه التحركات الشعبية قد تدفع نحو فتح قنوات جديدة للحوار.
المستقبل لا يزال غير واضح، لكن ما هو مؤكد أن هذه المظاهرات الكبيرة تشير إلى أن الرأي العام في إسرائيل يشهد تحولًا حقيقيًا تجاه السعي لحل سياسي مع الفلسطينيين. وهو ما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات بين الجانبين.
المصدر: وكالات