وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتهامات مباشرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدفع المنطقة نحو شفا الحرب. بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، جاء هذا التحذير خلال اتصال هاتفي أجراه ماكرون مع نتنياهو، في أعقاب الغارة الجوية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت التي خلفت عشرات القتلى والجرحى، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. وأكد الجيش الإسرائيلي أن الهجوم استهدف القيادي البارز في حزب الله إبراهيم عقيل وقيادات أخرى من وحدة الرضوان التابعة للحزب.
ماكرون، الذي أعرب عن قلقه العميق من تفاقم الأوضاع، قال لنتنياهو بوضوح: “أنتم تدفعون المنطقة إلى الحرب.” لكن نتنياهو رد على هذا التحذير برفضه الضغوط الدولية، مشيراً إلى أن على فرنسا بدلًا من الضغط على إسرائيل أن تكثف جهودها للضغط على حزب الله لوقف هجماته المستمرة.
في السياق نفسه، أفادت صحيفة يديعوت أحرنوت أن مسؤولًا سياسيًا فرنسيًا أكد أن باريس ترى في التصعيد الأخير تهديدًا جديًا لاندلاع حرب شاملة في المنطقة. ومع ذلك، يعتقد المسؤولون الفرنسيون أن هناك مجالًا للدبلوماسية، حيث تواصل فرنسا جهودها لاحتواء الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية.
هذا الهجوم الإسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت ليس الأول من نوعه، إذ شهدت المنطقة عمليات اغتيال بارزة في الأشهر الماضية، حيث اغتالت إسرائيل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في يناير/كانون الثاني الماضي، وقيادي حزب الله فؤاد شكر في يوليو/تموز.
وتأتي هذه الغارة في إطار تصعيد إسرائيلي متواصل على لبنان، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت دخول الحرب مع حزب الله مرحلة جديدة من التصعيد. وتضمنت هذه المرحلة الأخيرة تفجيرات في أجهزة اتصالات بأنحاء متفرقة من لبنان، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى، بالإضافة إلى تكثيف الغارات الجوية على جنوب لبنان وبلدات أخرى في عمق البلاد.
تصعيد مستمر منذ أكتوبر
منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلاً يوميًا للقصف بين الجيش الإسرائيلي والفصائل اللبنانية والفلسطينية، أبرزها حزب الله. بينما تسعى هذه الفصائل للضغط على إسرائيل لوقف حربها في قطاع غزة، والتي خلّفت حتى الآن أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وأدت إلى اختفاء الآلاف تحت الركام، وسط أوضاع إنسانية كارثية ودمار شامل.
يتزايد قلق المجتمع الدولي من تفجر الوضع في لبنان وتحوله إلى ساحة حرب شاملة، في حين تسعى بعض الدول، وعلى رأسها فرنسا، إلى إيجاد حل دبلوماسي ينهي هذا التصعيد الذي يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن المخاوف من اندلاع حرب شاملة في لبنان أصبحت أكثر واقعية من أي وقت مضى، خاصة مع تصاعد حدة التصريحات والتهديدات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله. الحرب، إن اندلعت، قد لا تقتصر على لبنان وحده، بل قد تمتد لتشمل مناطق أخرى في المنطقة، نظرًا للتشابكات الإقليمية والدولية المرتبطة بالصراع الإسرائيلي اللبناني.
وفي الوقت الذي تحاول فيه فرنسا ودول أخرى دفع الأطراف نحو الحلول الدبلوماسية، يبدو أن الديناميكيات الحالية لا تعطي مؤشرات على تهدئة قريبة. تزايد الغارات الجوية، وسقوط الضحايا المدنيين، وتصاعد التصعيد الإعلامي بين الطرفين يعزز احتمالية دخول المنطقة في دوامة عنف جديدة قد تكون عواقبها وخيمة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وفيما يظل الحل الدبلوماسي هو الأمل الوحيد لتجنب الكارثة، يتعين على المجتمع الدولي تكثيف جهوده والعمل بجدية أكبر على التوصل إلى اتفاق يحمي المدنيين الأبرياء ويضمن استقرار المنطقة.
المصدر: وكالات