- وصل بوست – محمد فوزي
في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على لبنان، سلّمت إسرائيل وثيقة رسمية إلى الولايات المتحدة تحدد شروطها لإنهاء العدوان، وتشمل مطالب مثيرة للجدل كحرية استباحة الطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، ومنع حزب الله من إعادة تسليح نفسه في الجنوب. هذه الشروط، التي تم تسريبها، أثارت رفضًا واسعًا من قبل محللين لبنانيين ودوليين، مشيرين إلى أنها تقوض السيادة اللبنانية وتنتهك القرارات الدولية.
المطالب الإسرائيلية: استباحة الأجواء ومنع تسليح حزب الله
وفقًا لمصادر إسرائيلية وأميركية، قدمت إسرائيل الوثيقة إلى واشنطن الأسبوع الماضي، في محاولة للتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح بعودة النازحين من جانبي الحدود. ومن بين الشروط الرئيسية التي تتضمنها الوثيقة، السماح للجيش الإسرائيلي بحرية العمل العسكري في الأجواء اللبنانية لضمان عدم إعادة تسليح حزب الله، وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي ينص على وقف العمليات العسكرية بين الطرفين.
قرار 1701، الذي تم تبنيه في أعقاب حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، يدعو إلى منطقة خالية من السلاح جنوب نهر الليطاني تحت سيطرة الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل). ومع ذلك، تشير الوثيقة الإسرائيلية إلى رغبة تل أبيب في توسيع نطاق هذا القرار بما يسمح لها بمزيد من الحرية في العمل العسكري داخل الأراضي اللبنانية.
رفض لبناني ودولي للوثيقة
من جانبه، أكد المحلل السياسي إبراهيم حيدر أن الوثيقة المسرّبة لم تكتسب بعد الصفة الرسمية، لكنها تعكس نية إسرائيل في فرض سيطرتها الكاملة على الجنوب اللبناني والتدخل عسكريًا لمنع حزب الله من التسلح. وأوضح أن هذه الشروط تتجاوز السيادة اللبنانية بشكل كبير، ما يجعلها غير قابلة للتنفيذ في ظل الرفض اللبناني القاطع لمثل هذه الترتيبات.
الخبير العسكري العميد منير شحادة أضاف أن الشروط الإسرائيلية، وخاصة تلك المتعلقة بفرض سيطرة جوية كاملة على لبنان، تعد تجاوزًا غير مقبول، مشيرًا إلى أن “دفع المقاومة إلى شمال نهر الليطاني غير قابل للتنفيذ عمليًا، لأن غالبية عناصر المقاومة هم أبناء الجنوب، ولن يتخلوا عن أرضهم ببساطة”.
هل تسعى إسرائيل إلى تصعيد أوسع؟
المخاوف تتزايد من أن تكون هذه الوثيقة جزءًا من خطة أوسع تسعى من خلالها إسرائيل إلى توسيع نطاق الحرب، ليس فقط ضد لبنان، ولكن أيضًا لضرب إيران بهدف تحقيق ما تسميه “شرق أوسط جديد”. هذه الخطوة، بحسب شحادة، قد تكون محاولة لتحقيق الحلم الإسرائيلي بإنشاء “دولة إسرائيل الكبرى”، وهو هدف يسعى إليه اليمين الإسرائيلي المتطرف منذ سنوات.
الجهود الدبلوماسية: هل يمكن التوصل إلى حل؟
في إطار الجهود الدبلوماسية لتهدئة الوضع، وصل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم رئيس البرلمان نبيه بري. إلا أن التوقعات لا تزال متشائمة، حيث يرى المحللون أن الشروط الإسرائيلية غير قابلة للتنفيذ، مما يجعل من الصعب التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الوقت الحالي.
في الوقت نفسه، يستمر العدوان الإسرائيلي على لبنان، وقد أدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من 2464 شخصًا وإصابة 11,530 آخرين، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 1.3 مليون لبناني.
المصدر: وكالات