وصل بوست – محمد فوزي
بعد أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، ومع سقوط النظام في غضون عشرة أيام، يواجه السوريون واقعاً جديداً مليئاً بالتحديات والفرص لإعادة بناء وطنهم الذي دمرته الحرب. فقد تركت 61 عاماً من حكم الحزب الواحد، و14 عاماً من الحرب الأهلية، سوريا في حالة اقتصادية واجتماعية منهارة.
بحسب محمد أنور، مدير مشروع معهد صحافة الحرب والسلام، فإن الصراع دمر البنية التحتية للبلاد واقتصادها، حيث استهدفت الحرب المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص، مما أدى إلى انهيار شامل في الخدمات الأساسية. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى انكماش الاقتصاد السوري بنسبة 85%، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 67.5 مليار دولار في عام 2011 إلى أقل من 9 مليارات في 2023، فيما تدهورت الليرة السورية إلى مستويات قياسية، ما زاد معدلات الفقر والتضخم بشكل غير مسبوق.
سوريا تواجه معضلة معقدة لإعادة إعمار اقتصادها، الذي أصبح يعتمد على أنشطة غير مشروعة مثل إنتاج المخدرات، بينما فقدت البلاد معظم بنيتها التحتية النفطية لصالح الأكراد، مما يجعل مسار التعافي أبطأ مقارنة بليبيا. فعلى الرغم من أن الحرب الليبية تسببت بدمار محدود في البنية التحتية، فإن سوريا، التي تعتمد على اقتصاد محدود ومنهك، تجد نفسها في مواجهة عقبات أكبر لإعادة البناء.
إعادة إعمار سوريا تتطلب استثمارات ضخمة تُقدر بـ300 مليار دولار، وهو ما يجعل الدعم الدولي ضرورة قصوى. بحسب “فيتش سوليوشنز”، قد تلعب الشركات الغربية، بما فيها الأميركية، دوراً رئيسياً في جهود إعادة البناء، خاصة إذا تمت إعادة النظر في العقوبات مثل قانون قيصر. هذا الدعم قد يُحدث تحولاً جذرياً في مسار الاقتصاد السوري ويضعه على طريق الانتعاش.
التجربة الليبية تقدم درساً مهماً: بدون توافق بين الفصائل الداخلية واللاعبين الدوليين، قد يتعطل أي تقدم اقتصادي أو سياسي. لذلك، فإن تأسيس بيئة تشريعية شفافة، جذب الاستثمارات، وإعادة بناء البنية التحتية، تمثل أولويات حاسمة للحكومة المستقبلية.
بينما يبدو الطريق وعراً، إلا أن سوريا اليوم تقف على عتبة مرحلة جديدة، حيث تمثل إعادة البناء فرصة فريدة لإعادة تشكيل اقتصادها ومجتمعها بما يلبي طموحات شعبها.
المصدر: وكالات