منذ السابع من أكتوبر 2023، تبنّت إسرائيل إستراتيجية أمنية جديدة تتسم بنزعة توسعية وعدوانية متزايدة، بهدف تصفية القضية الفلسطينية دون اكتراث لتداعيات ذلك على محيطها الإقليمي، بما في ذلك الدول التي تربطها بها اتفاقات سلام أو تطبيع. هذه السياسة تضع المنطقة على حافة اضطرابات خطيرة، وسط قلق دولي وإقليمي متزايد.
أحدثت الجرائم الإسرائيلية في غزة صدمة في العالم العربي والإسلامي، إذ باتت الحكومات تشعر بخطر تصاعد الغضب الشعبي المتنامي، الذي يكشف عن عجز الأنظمة في الاستجابة لمطالب شعوبها. كما أن مشروع تهجير سكان القطاع يمثل تهديدًا مباشرًا لمصر والأردن، وهو ما عبّر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل واضح، رافضًا أي محاولة لإعادة رسم خريطة النزوح الفلسطيني.
في الوقت ذاته، تناقش إسرائيل استعدادها لمواجهة عسكرية محتملة مع تركيا، على خلفية توسع أنقرة في سوريا وتقاربها مع دمشق. وفقًا لتقرير لجنة “ناغل” الإسرائيلية، فإن تحالف تركيا مع النظام السوري يشكل تهديدًا قد يفوق الخطر الإيراني، مما يستوجب استعداد تل أبيب لمواجهته.
منذ بدء العدوان على غزة، تسعى إسرائيل لاقتطاع جزء من القطاع وإنشاء منطقة عازلة، في خطوة تعزز سياساتها الاستيطانية التوسعية في الضفة الغربية. كما تواصل إسرائيل رفضها الانسحاب من لبنان، وتصر على الاحتفاظ بخمسة مواقع إستراتيجية داخله، في خطوة قد تؤدي إلى تصعيد جديد على الجبهة الشمالية.
اطماع إسرائيل في سوريا
وفي سوريا، تعمل تل أبيب على توسيع نفوذها داخل المنطقة العازلة، وتطالب بمنع القوات السورية من التواجد في الجنوب الغربي لدمشق، مما يعكس طموحاتها في فرض واقع جيوسياسي جديد. هذا التوجه الإسرائيلي يُضاف إلى محاولاتها المستمرة للهيمنة على موارد الطاقة في شرق المتوسط، مما يثير توترات مع تركيا ولبنان.
فيما كانت إدارة الرئيس جو بايدن تفرض بعض القيود على التوسع الإسرائيلي، فإن مواقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعكس نهجًا أكثر دعمًا لإسرائيل، خصوصًا في مسألة تهجير سكان غزة وتوسيع حدود الاحتلال. ومع ذلك، فإن تردد ترامب في دعم حرب إسرائيلية ضد إيران، وسعيه لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، يخلق حالة من الغموض حول الدور الأمريكي في المنطقة.
تحركات إقليمية لمواجهة التهديدات
تسعى دول الإقليم، وعلى رأسها مصر وتركيا والسعودية، إلى تعزيز التنسيق العسكري والدبلوماسي لمواجهة التهديدات الإسرائيلية. فقد رصدت إسرائيل قيام الجيش المصري ببناء تحصينات في سيناء، مما أثار قلق تل أبيب، بينما تعمل السعودية وتركيا على تعزيز التعاون العسكري، كما يظهر في صفقة الطائرات المقاتلة “قآن”.
في ظل هذه التطورات، يتضح أن النزعة التوسعية الإسرائيلية لا تهدد الفلسطينيين فحسب، بل تعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة، مما يستدعي تحركات إقليمية أكثر فاعلية لمواجهة هذا الخطر المتصاعد.
المصدر: وكالات