في ظل التوترات الاقتصادية المتصاعدة، حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، من أن تأثير التعريفات الجمركية التي تعتزم إدارة دونالد ترامب فرضها على الاقتصاد لا يزال غير واضح، لكنه قد يفاقم معدلات التضخم على المدى الطويل. وأوضح باول، خلال منتدى الأعمال بجامعة شيكاغو، أن تأثير هذه الرسوم يعتمد على عدة عوامل، مشيرًا إلى أن الزيادات المتكررة قد تؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الأسعار.
هل تؤدي التعريفات إلى تضخم مستدام؟
أكد باول أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب في ولايته الأولى لم تؤدِ إلى تضخم حاد، بل ساهمت في تباطؤ النمو العالمي، مما دفع الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة آنذاك. إلا أن الوضع الحالي يختلف، حيث إن تطبيق رسوم جمركية واسعة النطاق قد يؤثر على التوقعات الاقتصادية طويلة الأجل، مما قد يفرض ضغوطًا إضافية على السياسة النقدية للفيدرالي.
ورغم ذلك، قلل وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، من خطورة هذه الإجراءات، معتبرًا أن أي ارتفاع في الأسعار سيكون “مؤقتًا”، مشيرًا إلى أن التعريفات لا تؤدي بالضرورة إلى تضخم مستدام. لكن تصريحات باول تعكس قلق الفيدرالي من احتمال حدوث مواجهة اقتصادية بينه وبين إدارة ترامب، خاصة إذا استمرت الحكومة في فرض تعريفات على واردات بمليارات الدولارات.
تمهل في خفض الفائدة والأسواق تترقب
أكد باول أن الفيدرالي لا ينوي التسرع في خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي، نظرًا لأن معدل التضخم لا يزال أعلى بقليل من هدف البنك المركزي البالغ 2%. وفي ظل التغييرات الاقتصادية التي تنفذها إدارة ترامب، شدد على ضرورة تحليل الوضع بعناية لتجنب اتخاذ قرارات قد تضر بالاستقرار الاقتصادي.
تصريحات باول جاءت في وقت حساس للأسواق المالية، حيث شهدت مؤشرات وول ستريت تذبذبًا حادًا خلال الأسبوع الماضي، قبل أن تتعافى جزئيًا مع تصريحات الفيدرالي. ويتوقع المستثمرون أن يبدأ البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة بحلول يونيو، مع احتمالية تنفيذ ثلاث تخفيضات قبل نهاية العام، في حال استمر الاقتصاد في التباطؤ.
اقتصاد متماسك رغم الضغوط
ورغم المخاوف المتزايدة بشأن التضخم، شدد باول على أن الاقتصاد الأميركي لا يزال في وضع جيد، حيث أضافت سوق العمل 151 ألف وظيفة جديدة في فبراير، بينما استمر معدل التوظيف في تحقيق مكاسب مستقرة.
من المتوقع أن يبقي الفيدرالي أسعار الفائدة مستقرة في اجتماعه المقبل في مارس، حيث سيتم تحديث التوقعات الاقتصادية لتقييم التأثير الفعلي للسياسات الجديدة. ومع تصاعد التوترات التجارية، يبقى السؤال الأهم: هل ستؤدي هذه التعريفات إلى تعزيز النمو أم ستشعل موجة تضخم جديدة تضرب الأسواق؟
المصدر: وكالات