في تحقيق تلفزيوني يحمل ثقلاً إنسانيًا وأدلة دامغة، كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن تناقضات خطيرة في الرواية الإسرائيلية الرسمية بشأن الهجوم الدامي الذي استهدف قافلة إغاثة في رفح جنوب قطاع غزة، وأسفر عن مقتل عدد من عمال الإغاثة، بينهم أجانب.
عبر تحليل مقاطع فيديو تم تصويرها لحظة الهجوم، توصلت الشبكة إلى أن القافلة كانت واضحة المعالم، تُقلّ سيارات إسعاف وشاحنة إطفاء، تسير بمصابيح مضاءة، ما يُضعف بشكل كبير مزاعم جيش الاحتلال بوجود “تهديد متصور”. وبحسب خبير أمريكي سابق في إزالة الذخائر المتفجرة، فإن نوعية إطلاق النار تشير إلى استخدام أسلحة خفيفة، وليس قصفًا جويًا، ما يرجح فرضية الاستهداف المباشر والمتعمد.
والأكثر إثارة للغضب أن جثث الضحايا لم تُسلم فورًا لعائلاتهم، بل دُفنت ميدانيًا على يد الجيش الإسرائيلي، بزعم تأخر التنسيق مع “الهلال الأحمر” و”الأمم المتحدة”. غير أن تشريح الجثث كشف عن إصابات ناتجة عن إطلاق نار مباشر، بالإضافة إلى علامات تشير إلى تعرضها للنبش من قبل الحيوانات، ما يعكس إهمالًا وانتهاكًا لحرمة الموتى.
أحد الآباء المفجوعين أكد أن جسد ابنه كان مثقلاً بثقوب الرصاص، مشككًا في أي رواية عسكرية تسعى لتبرير المجزرة. وفي الوقت نفسه، أصرّ الجيش الإسرائيلي في بيانه على أن القتلى كانوا “مقاتلين من حركة حماس”، بينما تُظهر اللقطات المصورة خلاف ذلك.
يأتي هذا الهجوم في ظل حرب إبادة متواصلة تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلّفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، وسط مجاعة خانقة تعصف بالمدنيين في القطاع المحاصر.
في ظل هذه المعطيات، تتعالى الأصوات الدولية المطالبة بفتح تحقيق مستقل وشفاف، فيما تزداد التساؤلات: إلى متى يستمر الإفلات من العقاب؟
المصدر: وكالات




