في تحولٍ لافت على الساحة السورية، كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن نحو 400 ألف لاجئ سوري عادوا من دول الجوار إلى وطنهم، منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. وبالتوازي، عاد أكثر من مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية داخل البلاد، ما يرفع عدد العائدين الإجمالي إلى 1.4 مليون شخص، في مشهد يُعيد تشكيل الخريطة السكانية لسوريا ما بعد النظام.
ورأت المفوضية أن فصل الصيف المقبل يشكل فرصة حيوية لعودة طوعية أوسع، خاصة مع قرب نهاية العام الدراسي، ما يمنح الأسر النازحة نافذة زمنية مناسبة للعودة وإعادة بناء حياتها. لكن هذا التفاؤل يصطدم بعقبة ضخمة: نقص التمويل.
ففي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد العائدين، تحذر المفوضية من أن غياب الدعم الكافي في مجالات المأوى، وسبل العيش، والحماية، والمساعدة القانونية قد يعرقل عملية العودة ويجعلها غير مستدامة. بل إن السيناريو الأسوأ، وفقًا لها، هو أن يعود اللاجئون ليجدوا أنفسهم مجددًا في مواجهة خيار الرحيل.
تقرير المفوضية يرسم صورة قاتمة: 90% من السوريين، أي 16.7 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما لا يزال أكثر من 7.4 ملايين نازح داخل البلاد. ومع الانخفاض الحاد في تمويل المانحين بين عامَي 2024 و2025، قد تتقلص قدرة المفوضية على دعم العائدين بشكل حاد، مع توقعات بخفض عدد موظفيها في سوريا بنسبة 30%.
وبينما تعوّل المفوضية على دعم المجتمع الدولي، يبقى مصير الملايين معلقًا على ميزانيات الدول المانحة. فهل يلتفت العالم لمعاناة السوريين في لحظة العودة المصيرية، أم تظل أبواب الوطن مفتوحة جسديًا، مغلقة إنسانيًا؟
ورغم ما تحمله أرقام العائدين من بارقة أمل، فإنها تخفي خلفها واقعًا معقدًا يضع العائدين في مواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة، في ظل بنى تحتية مدمّرة وغياب الخدمات الأساسية، ما يجعل العودة ليست مجرد رحلة للوطن، بل معركة يومية من أجل البقاء.
المصدر: وكالات