في 9 أبريل، عاشت الأسواق الأميركية لحظة حرجة كادت تُعيد مشهد 2008 المأساوي. فما بدأ بانخفاض تدريجي في أسعار الأسهم، تحوّل إلى صدمة حقيقية عندما اهتزت سوق السندات الأميركية، المفترض أنها أكثر أدوات الاستثمار أماناً. قفز العائد على سندات الخزانة لعشر سنوات من 3.9% إلى 4.5%، مما يعني هبوطاً حاداً في أسعارها، ودخول النظام المالي في دوامة من القلق والذعر.
الرد السريع جاء من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن تأجيل رسوم جمركية مثيرة للجدل لمدة 90 يوماً، مما أعاد مؤقتاً بعض التوازن للأسواق، ودفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” لتحقيق قفزة بنسبة 10%، هي الأعلى منذ الأزمة العالمية. لكن التوتر بقي مستمراً، خاصة في أسواق السندات، وسط مخاوف من عدوى مالية واسعة النطاق.
مجلة “إيكونوميست” وصفت ما حدث بأنه ليس مجرد اضطراب عابر، بل تجلٍّ لهشاشة هيكلية عميقة. ارتفعت مؤشرات التقلب بشكل غير مسبوق، وتكررت سيناريوهات “البيع القسري” من قبل صناديق التحوط، ما فاقم من هبوط الأسواق. كما عاد شبح أزمة 2020 إلى الأذهان، حين تدخل الاحتياطي الفدرالي لإنقاذ سوق السندات من الانهيار.
الخطير أن حجم المخاطر المكشوفة في “تجارة الفجوة” – التي تستغل الفروق بين السندات والعقود الآجلة – بلغ نحو تريليون دولار، ما يجعل النظام عرضة لانهيارات مفاجئة. أحد مديري الصناديق شبّه هذه التجارة بـ”التقاط العملات أمام قطار بخاري”، في إشارة إلى ضآلة الربح مقابل فداحة الخسائر المحتملة.
وفي ظل هذه الهشاشة، يقف الاحتياطي الفدرالي أمام معضلة سياسية: هل يتدخل مجدداً ويظهر بمظهر المنقذ؟ أم يغامر بثقة المستثمرين؟ الأسواق لم تعد تثق بصناع القرار، والتوتر مع الصين يُهدد بموجة تضخم وركود قادمة.
السؤال الصادم الذي طرحته “إيكونوميست” في ختام تقريرها: كم من الأزمات يمكن أن يتحملها هذا النظام قبل أن يسقط بالكامل؟
المصدر: وكالات