تعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث، إذ كشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن واحدًا من كل ثلاثة سودانيين أُجبر على الفرار من منزله بفعل تصاعد النزاع المسلح. وفي إقليم دارفور تحديدًا، يتفاقم الوضع بشكل مأساوي، حيث يواجه النازحون من مخيمات “زمزم” و”أبو شوك” أوضاعًا إنسانية كارثية بعد الهجوم العنيف الذي شنّته قوات الدعم السريع.
في بلدة “طويلة” الواقعة غربي الفاشر، باتت الأرض الحمراء التي كانت مهجورة قبل أسابيع تعجّ بعشرات الآلاف من الأسر التي فرّت من الموت. ووفقًا لتقارير محلية، استقبلت البلدة نحو 400 ألف نازح خلال أسبوعين فقط، ما يجعلها بؤرة ضغط إنساني لا تحتمل. وتخضع طويلة لسيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، مما يجعلها ملاذًا اضطراريًا في قلب منطقة ملتهبة.
منظمة “أطباء بلا حدود” وصفت المشهد بأنه “جحيم على الأرض”، حيث لا مياه ولا طعام ولا خدمات طبية، والأطفال يعانون من العطش الحاد وسوء التغذية، فيما يتفاقم عدد المصابين بجروح نارية وشظايا، بينهم نساء وفتيات. وقد وثقت فرق المنظمة أكثر من 170 حالة طبية عاجلة، وسط عجز تام في الموارد والإمدادات.
الناجون من مجزرة مخيم زمزم نقلوا مشاهد مروعة عن عمليات إعدام ميدانية، واعتداءات جنسية، وحرق للمساكن ونهب منظم، بينما أظهرت مقاطع مصوّرة عناصر الدعم السريع وهم يطلقون النار على مدنيين عزّل. ورغم نفي القوات مسؤوليتها، فإن الأدلة على الأرض تُظهر نمطًا واضحًا من الانتهاكات.
مع استمرار الحرب وتوقف المساعدات، تحذر الأمم المتحدة من انهيار شامل للوضع الإنساني، في بلد مزّقته نيران الصراع، وترك الملايين يتجرعون المأساة بلا أفق لنهاية قريبة.
المصدر: وكالات