في ظل تصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، حذر صندوق النقد الدولي من أن العالم يدخل مرحلة تباطؤ اقتصادي ملموس، وسط موجة من الرسوم الجمركية المرتفعة تُعيد تشكيل النظام التجاري العالمي. فقد خفّض الصندوق توقعاته للنمو العالمي لعام 2025 إلى 2.8%، مقارنة بـ3.3% سابقاً، مشيراً إلى أن الإجراءات الحمائية الأميركية تمثل عاملاً رئيسياً في هذا التراجع.
الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والتي بلغت 145% على المنتجات الصينية و245% على السيارات الكهربائية، دفعت الصين إلى الرد بتعريفات بنسبة 125% على السلع الأميركية، ما أشعل مواجهة تجارية مفتوحة تهدد بتقويض الاستقرار الاقتصادي العالمي. الصندوق وصف هذه الرسوم بأنها “الأعلى منذ قرن”، محذراً من أثرها العميق على الثقة والاستثمار والاستهلاك.
كبير اقتصاديي الصندوق، بيير أوليفييه جورينشا، أكد أن العالم يشهد “إعادة ضبط” لمنظومة اقتصادية سادت لعقود، لافتاً إلى أن حالة عدم اليقين المرتفعة بشأن السياسات التجارية ستنعكس سلباً على النشاط الاقتصادي. وقد خفّض الصندوق توقعاته لنمو الصين إلى 4% وللولايات المتحدة إلى 1.8%، فيما تراجعت آفاق النمو في كندا، والمكسيك، وبريطانيا، وألمانيا إلى مستويات مقلقة.
التقرير كشف أيضاً عن تراجع نمو التجارة العالمية إلى 1.7% فقط، مشدداً على أن الرسوم المرتفعة تجعل التبادل التجاري “أكثر تكلفة وأقل كفاءة”، مع تضاؤل قدرة الشركات على التخطيط والاستثمار. كما أشار إلى ضعف الاستهلاك المحلي في الصين وأزمة العقارات، مما يضاعف من التحديات.
وفي المحصلة، رسم الصندوق صورة قاتمة للنمو العالمي على المدى المتوسط، متوقعاً معدل 3.2% سنوياً، وهو أقل من المتوسط التاريخي، ما يؤكد أن الاقتصاد العالمي يواجه مرحلة انتقالية تتطلب إصلاحات هيكلية شاملة لمواكبة التحولات المتسارعة.
المصدر: وكالات