وسط تصاعد التوتر الدبلوماسي بين نيودلهي وإسلام آباد، أعلنت الهند أمس عن حزمة إجراءات عقابية لردع باكستان بعد اتهامها بدعم “الإرهاب العابر للحدود” إثر الهجوم الدامي على مدنيين في كشمير. وشملت هذه الإجراءات تعليق معاهدة مياه نهر السند الموقعة عام 1960، وإغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي “أتاري–واغا”، إلى جانب تخفيض واسع في أعداد الدبلوماسيين وسحب موظفين هنود من عاصمة جارتها.
في تصريحات رسمية من وزارة الخارجية الهندية، قال وكيل الوزير فيكرام ميسري إن تعليق العمل بمعاهدة السند سيستمر حتى تتخلى باكستان “بشكل موثوق ولا رجعة فيه عن دعم الإرهاب عبر الحدود”. وهذه المعاهدة تمنح كلا البلدين حق إدارة ثلاثة أنهار من منبعها في الهيمالايا، وتحدد آليات لحل النزاعات عبر لجنة مشتركة، إلا أنها ظلت نقطة خلاف وتخشى منها إسلام آباد أن تستخدمها نيودلهي لحرمانها من موارد الري والكهرباء.
وفي خطوة رمزية لكنها شديدة الدلالة، أُغلِق معبر أتاري–واغا على الفور، رغم أن مئات الزوار من الجانبين يتجمعون يوميًا لمتابعة طقوس “إسدال الستار” العسكرية المهيبة منذ عام 1959. وأمهلت الهند حاملي وثائق السفر الباكستانية الصالحة للعودة قبل الأول من مايو، كآخر مهلة قبل فرض قيود أشد.
على الصعيد العسكري، أمرت نيودلهي بسحب الملحقين العسكريين الباكستانيين من سفارتها في نيودلهي خلال أسبوع، وسحبت بدورها مستشاريها الدفاعي والبحري والجوي من باكستان. وجاءت هذه الإجراءات بعد هجوم كشمير الذي أودى بحياة 26 مدنيًا، في منطقة تشهد منذ 1989 صراعًا بين قوات الهند ومجموعات انفصالية تطالب بالاستقلال أو الاندماج مع باكستان.
ردّ إسلام آباد كان سريعًا، حيث أعلن إسحق دار، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني، أن لجنة الأمن القومي ستجتمع الخميس لبحث الرد المناسب على “البيان العدائي” للهند. يعكس هذا التصعيد مدى هشاشة العلاقة بين الخصمين النوويين في جنوب آسيا، حيث يشكل نهر السند أحد أبرز مصادر النزاع بسبب أهميته الاستراتيجية للزراعة والكهرباء والري في باكستان.
في خضم هذه الأزمة، يترقب العالم ردود الفعل القادمة في دلهي وإسلام آباد، خشية أن تتحول حرب الرسائل الدبلوماسية إلى مواجهة عسكرية أوسع، قد يوشك فيها نهر السند أن يتحول من شريان حياة إلى نقطة اشتعال جديدة بين جارين يتشاطران التاريخ والجغرافيا والإرث السياسي.
المصدر: وكالات