وسط موجة من الذعر والهزة العنيفة، ضرب زلزال بقوة 6.2 درجات فجر الأربعاء منطقة سيليفري، على بُعد 80 كيلومترًا غرب إسطنبول، تاركًا خلفه أكثر من 150 مصابًا جرّاء قفزهم من مبانٍ بدافع الخوف. وعلى الرغم من أن الإصابات تراوحت بين خفيفة ومتوسطة، ونُقل المُعظم إلى المستشفيات لتلقي العلاج، فإن العاصمة التركية التي يقطنها 16 مليون نسمة أغلقت مدارسها وجامعاتها لمدة يومين؛ تحسبًا لأي هزات ارتدادية قد تعقب الزلزال الرئيسي.
أفاد مكتب بلدية إسطنبول بأن مبنى سكني في وسط المدينة انهار تمامًا، دون أن يُسجل وقوع إصابات في محيطه. وبَشّر المسؤولون بعدم تعرض شبكات الطاقة والمياه لأي انقطاع، في وقت تجمّع الآلاف في الحدائق العامة والساحات، هربًا من رعب المساكن المرتجفة. وهرعت فرق الطوارئ لإجراء مسوحات أولية للطُرق السريعة والمطارات وخطوط القطارات والأنفاق، حيث أكّد وزير النقل والبنى التحتية، عبد القادر أورال أوغلو، عدم تسجيل أي أضرار جسيمة.
مع دقات الساعة 12:49 ظهرًا بالتوقيت المحلي (09:49 غرينتش)، تتابعت الهزات الارتدادية، فتسارعت الإجراءات الوقائية. وعلى رأسها إعلان وزارة التربية الوطنية تعليق الدراسة الأربعاء والخميس، بحسب ما صرح به وزير التعليم يوسف تكين عبر منصة “إكس”. وطمأن تكين أن مباني المدارس لم تتضرر، داعيًا الأهالي إلى استخدام حدائق المؤسسات التعليمية كملاجئ آمنة.
ولم تخلُ الساعات اللاحقة من تحذيرات رئاسية؛ فقد كتب الرئيس رجب طيب أردوغان على حسابه الرسمي في “إكس” أنه يواصل متابعة الأوضاع عن كثب، مُوجّهًا بإرشادات للسكان إزاء أي سقوط رُدٍّ جديد، لاسيما ليلاً حين تشتد مخاوف الانهيارات الإضافية. وفي سياق التضامن الدولي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تضامنه الكامل مع تركيا وشعبها، مؤكدًا وقوف المنظمة الأممية إلى جانب الجهود الوطنية في إنقاذ المتضررين وتقديم الإغاثة الفورية.
تقع الأنظار اليوم على جهود الفرق الميدانية في البحث عن أية حالات محاصرة تحت الأنقاض، وإعادة التيار الكهربائي إلى المناطق النائية، وتقييم السلامة الإنشائية للمباني القديمة. وبينما تستعيد المدينة روتينها تدريجيًا، تظل ذكرى زلزال 1999 ¬– الذي أودى بحياة نحو 17 ألف شخص بالقرب من إسطنبول – تلوّح في الأفق، محذرةً من خطورة العيش على صدعٍ نشط. غير أن صمود إسطنبول هذه المرة وشجاعة سكانها في مواجهة الدهشة الأولى خير دليل على قدرتهم الدائمة على تجاوز الكوارث.
المصدر: وكالات