وسط تصاعد التوتر داخل الائتلاف الحكومي الإسباني، تحذر حركة “اليسار الموحد” الشريك الصغير في الحكومة من إمكانية تفجر أزمة سياسية غير مسبوقة، بعد قرار أحادي اتخذته قيادة الحزب الاشتراكي بزيادة هائلة في الإنفاق العسكري وإبرام صفقة أسلحة مع إسرائيل.
في تصريحاتٍ حادة، وصف أنطونيو مايو، زعيم “اليسار الموحد”، قرار رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بزيادة موازنة الدفاع بنحو 10.5 مليار يورو بأنه “يخالف التوافق الحكومي”، مطالبًا بالتراجع الفوري عن الصفقة التي تشمل توريد ذخيرة من عيار 9 ملم بقيمة تزيد على 5.5 مليون يورو. وأضاف مايو أن وزارة الداخلية “تجاهلت قرار مجلس الوزراء بإلغاء جميع العقود مع الشركات الإسرائيلية”، وهو ما “يقوض الاستراتيجية الوطنية حتى عام 2027”.
وكان وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا قد أعلن في أكتوبر الماضي عن بدء إجراءات فسخ عقد أسلحة مع إحدى الشركات الإسرائيلية، غير أن الصفقة أُنجزت لاحقًا، ما أثار موجة غضب داخل صفوف اليسار المتحد، ولا سيما حلفائه في حزب سومار. ورأت قوى اليسار أن هذه الخطوة تتناقض مع موقف الحكومة الرافض لأي تعامل عسكري مع إسرائيل، على خلفية استمرار الحرب في غزة منذ أكتوبر 2023.
وقد كشفت إذاعة محلية عن تفاصيل العقد، فأصدرت قوى سومار بيانًا طالبوا فيه الحكومة بإلغائه فورًا، مؤكدين أن “الالتزام الإسباني تجاه الشعب الفلسطيني يجب أن يبقى مطلقًا”. وفي مؤتمر صحفي لاحق، هدد إنريكي سانتياغو، الأمين العام للحزب الشيوعي الإسباني المنضوٍ داخل تحالف سومار، قائلاً: “لا مقدار من المال، سواء 6 ملايين يورو أو 6 مليارات، يمكن أن يبرر تواطؤ إسبانيا في الإبادة الجماعية المزعومة في غزة”.
ومع ذلك، تأتي هذه الأزمة في ظل سعي سانشيز للوفاء بتعهده أمام حلف شمال الأطلسي برفع إنفاق الدفاع إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يضيف ضغطًا مضاعفًا على المشهد السياسي. ومنذ اعتراف إسبانيا وفجأة أيرلندا والنرويج منتصف العام الماضي بالدولة الفلسطينية، تمر العلاقات مع إسرائيل ببرودة ملحوظة، حيث حجبت إسرائيل خدمات القنصلية الإسبانية في القدس عن الفلسطينيين.
وفي خضم هذا الصراع الداخلي، يراهن بيدرو سانشيز على المفاوضات داخل الائتلاف للحفاظ على استقرار حكومته، عبر التأكيد المتكرر على ضرورة وقف القتال في غزة ودعوة المجتمع الدولي لوقف بيع الأسلحة لإسرائيل. في المقابل، يردد وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أن “إسبانيا لن ترهبها التهديدات ولن تتراجع عن مطالبها بوقف فوري لإطلاق النار واعتراف كامل بالدولة الفلسطينية”. وبين دعوات اليسار الموحد للتمسك بالمبادئ، وضغوط الناتو لتعزيز القدرات الدفاعية، يبقى الائتلاف الإسباني على صفيحٍ ساخن، ينتظر خريطة طريق تتيح تلافي الانزلاق نحو أزمة حكومية قد تعصف بمعادلات السياسة الداخلية.
المصدر: وكالات