في خضم تصاعد التوترات النووية بين الهند وباكستان، تطرح تساؤلات حساسة عن موقف الولايات المتحدة، الحليف المتقلّب للبلدين. فمنذ استقلال الهند وباكستان عام 1947، خاض البلدان أربع حروب، معظمها بسبب كشمير، بينما حافظت واشنطن على توازن دقيق في علاقاتها مع الطرفين. لكن هذا التوازن مهدد اليوم، مع عودة شبح الحرب على وقع دماء جديدة.
تداعيات هجوم كشمير الأخير
في أبريل الماضي، شهدت كشمير هجومًا داميًا أودى بحياة 26 مدنيًا. وردت الهند بتعليق معاهدة مياه نهر السند، فقابلتها باكستان باعتبار ذلك “عملًا حربيًا”، وأغلقت مجالها الجوي، قبل أن تنفجر الحدود بإطلاق نار متبادل استمر لأيام. تصعيد خطير يعيد طرح السؤال القديم: لمن ستمنح واشنطن دعمها الكامل إذا اندلع المحظور النووي؟
تحولات التحالفات التاريخية
تاريخيًا، وقفت الولايات المتحدة إلى جانب باكستان خلال الحرب الباردة، دعمًا لها ضد تمدد الاتحاد السوفياتي، بينما تقاربت الهند مع موسكو. لكن مشهد التحالفات تبدل بعد أحداث 11 سبتمبر؛ إذ أصبحت باكستان شريكًا مترددًا في الحرب على الإرهاب، بينما بدأت واشنطن تبني شراكة إستراتيجية مع نيودلهي، مدفوعة برغبتها في احتواء الصين.
الهند بين التعاون الغربي والتحالفات الشرقية
الهند اليوم عضو في تحالف “كواد” الأمني إلى جانب اليابان وأستراليا، ولديها تعاون عسكري وتكنولوجي واسع مع الولايات المتحدة. لكنها لا تزال حذرة، ترفض الانخراط الكامل في السياسات الغربية، كما ظهر في موقفها من حرب أوكرانيا، وانضمامها لتحالفات كـ”بريكس” ومنظمة شنغهاي.
حسابات الولايات المتحدة في لعبة النفوذ
أما واشنطن، فترى أن استمرار دعمها لباكستان يخلق توازنًا ثلاثيًا (الهند–باكستان–الصين)، يمنع تفوق أي طرف منفردًا. وهنا يكمن التعقيد: أميركا لا تريد حربًا، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا انفجرت. وستكون حساباتها محكومة ليس فقط بمصالحها العسكرية والاقتصادية، بل أيضًا بموقع كل طرف في لعبة النفوذ ضد الصين.
في الختام، تظل الأوضاع بين الهند وباكستان محاطة بالغموض والتوتر، بينما تراقب الولايات المتحدة عن كثب كل تطور. ومع أن كل الأطراف تدرك خطورة الانزلاق نحو مواجهة نووية، يبقى السؤال الأهم: من سيربح دعم العملاق الأميركي إذا قرعت طبول الحرب النووية في جنوب آسيا؟