يشهد العالم تحولًا لافتًا نحو الذهب كملاذ آمن وسط اضطرابات الأسواق، لكن في أفريقيا، القصة تحمل أبعادًا أخرى؛ إذ يجمع الذهب بين الأمل بالخلاص الاقتصادي والخوف من الانزلاق إلى دوامة النزاعات.
الذهب يعود للواجهة في ظل الفوضى الاقتصادية العالمية
وسط زوبعة الفوضى الاقتصادية التي تعصف بالأسواق العالمية نتيجة السياسات الحمائية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، عاد الذهب ليتألق كملاذ آمن عالمي. غير أن بريقه في أفريقيا لا يقتصر على التحوّط، بل أصبح شريان حياة لاقتصادات تعاني الانهيار.
زيمبابوي: انتعاش غير مسبوق في إنتاج الذهب
في زيمبابوي، حيث تكابد البلاد أزمة اقتصادية مزمنة منذ عقود، قفز إنتاج الذهب بنسبة 61% خلال أبريل، مدفوعًا بدخول آلاف الحفارين إلى المناجم الصغيرة. ويلنغتون تاكافاراشا، رئيس اتحاد يضم 700 ألف عامل تعدين، وصف هذه الطفرة بأنها “فرصة وطنية لا تعوّض”. واستغلت الحكومة هذا الانتعاش لإعادة سكّ عملات ذهبية، أملًا في كبح تدهور العملة المحلية.
غانا: الذهب يدعم الاستقرار المالي
أما في غانا، فقد تحوّل الذهب إلى صمام أمان مالي. إذ ارتفعت صادراته بنسبة 60% في أول شهرين من العام، وساعدت مشتريات البنك المركزي من الذهب في تعزيز الاحتياطي واستقرار “السيدي”، الذي أصبح من أفضل العملات أداءً أمام الدولار.
ناميبيا ومالي: بين التحوط والتعثر
ناميبيا لم تتأخر عن الركب، إذ زادت احتياطياتها من الذهب تحسبًا للصدمات الاقتصادية. إلا أن الطفرة لم تُترجم إلى مكاسب للجميع؛ ففي مالي، أوقفت خلافات ضريبية أكبر منجم ذهب عن العمل. كما واجهت شركات كبرى في غانا صعوبات بيروقراطية عطّلت مشاريع توسع مهمة.
الكونغو الديمقراطية: صراعات مسلحة بسبب الذهب
لكن الجانب المظلم من القصة يبرز في الكونغو الديمقراطية، حيث أشعل ارتفاع أسعار الذهب صراعًا دمويًا، إذ سيطرت الجماعات المسلحة على المناجم، مجبرة المزارعين على الانخراط في تعدين بدائي محفوف بالمخاطر.
هل الذهب حل دائم أم مسكن مؤقت؟
في النهاية، تقول بلومبيرغ إن الذهب أعاد رسم المشهد الاقتصادي الأفريقي، ليصبح أداة إنقاذ مؤقتة في وجه التضخم، وتراجع الاستثمار، والاضطرابات. إلا أن السؤال المحوري يبقى: هل تستطيع هذه الدول تحويل الثروة المفاجئة إلى تنمية مستدامة، أم أن الذهب سيظل مجرد مسكن مؤقت لألمٍ اقتصادي عميق؟