في قلب العاصمة العُمانية مسقط، تنطلق اليوم الأحد جولة رابعة من المفاوضات الحساسة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي الإيراني، وسط تصاعد القلق من اتساع هوة الخلاف حول تخصيب اليورانيوم، الذي تصر طهران على استمراره، بينما تعتبره واشنطن “خطًا أحمرًا لا يمكن تجاوزه”.
توقيت حساس وتبديل موقع المحادثات
تأتي هذه الجولة في توقيت بالغ الدقة، إذ تسبق زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى عدد من دول الخليج. وهو ما يضفي على المحادثات بعدًا استراتيجيًا يتجاوز حدود الملف النووي. ورغم أن هذه الجولة كانت مقررة في روما مطلع الشهر، فقد نقلت إلى مسقط عقب خلافات تفاوضية وفرض واشنطن عقوبات جديدة على إيران، في حين أرجعتها سلطنة عمان إلى “أسباب لوجستية”.
وكان من المقرر أن تعقد هذه الجولة في 4 مايو بالعاصمة الإيطالية روما، لكنها تأجلت نتيجة صعوبات تفاوضية أولية بين الطرفين، حسبما أشار خبراء. كما أوضح مسؤولون في سلطنة عمان أن قرار نقلها إلى مسقط جاء عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على طهران. كما أكدوا أن الأسباب الرسمية المعلنة كانت “لوجستية”.
خلافات عميقة بشأن التخصيب والمطالب الأميركية
المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران تجرى بحضور مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، فيما تتعقد أجواؤها بسبب تمسك إيران بنسبة تخصيب تصل إلى 60%، متجاوزة بكثير السقف الذي حدده اتفاق 2015، دون أن تصل إلى مستوى تصنيع سلاح نووي.
تحذيرات أميركية وتشدد إيراني
قبل انطلاق الجولة، شدد ويتكوف على أن الولايات المتحدة ترفض تمامًا أي نشاط تخصيب إيراني، معتبرًا ذلك تجاوزًا غير مقبول. وبالإضافة إلى ذلك، طالب بتفكيك منشآت نطنز وفوردو وأصفهان، مشيرًا إلى أن واشنطن قد تنسحب من المفاوضات إذا لم تسفر عن نتائج ملموسة. في المقابل، رد عراقجي مؤكدًا أن طهران لن تتراجع عن حقوقها النووية تحت أي ظرف. كما أوضح أن تخصيب اليورانيوم يمثل بالنسبة لإيران “خطًا أحمرًا” لا يقل حزمًا عن الموقف الأميركي. مما يعكس حجم التباين الحاد بين الجانبين.
من جانبه، شدد عراقجي عشية المحادثات على أن إيران لن تقبل أي تنازل في حقوقها النووية. وأعتبر أن أي محاولة لتقليص قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم تمثل انتهاكًا للخطوط الحمراء.
شروط إيرانية ومخاوف أوروبية
في خلفية المشهد، ترفض طهران المساس ببرنامجها الصاروخي وتطالب بضمانات دولية لعدم انسحاب أميركي مستقبلي من أي اتفاق جديد، في ظل تخوّف أوروبي من انهيار الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015.
مسقط.. منصة حاسمة لمستقبل الاتفاق
وفيما تتباين المواقف، تبقى مسقط ساحةً هادئة لمفاوضات قد تحدد ملامح الشرق الأوسط لعقود مقبلة. تأتي هذه الجولة في سياق جهود عُمانية مستمرة لجمع الطرفين منذ أسابيع. حيث تمثل أعلى مستوى من التواصل المباشر منذ انسحاب ترامب من الاتفاق السابق، وسط تحذيرات أوروبية من تفعيل آلية “العودة السريعة” التي قد تعيد العقوبات الدولية على إيران في حال فشل الاتفاق.