تحوّلت خان يونس، ثاني أكبر مدن جنوب قطاع غزة، إلى جحيم على الأرض صباح أحد الأيام، بعد أن تعرضت لأكثر من ثلاثين غارة جوية إسرائيلية خلال نصف ساعة فقط، في مشهد وصفه الناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بأنه “أهوال يوم القيامة”. يأتي هذا التصعيد بعد نحو 19 شهرًا من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على القطاع المحاصر، في واحدة من أكثر مراحل الحرب دموية.
استهداف المدنيين والمرافق الحيوية بلا تمييز
الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية بأنواعها كافة، طالت المنازل وخيام النازحين والمستشفيات، دون تمييز بين طفل أو امرأة أو شيخ. وبينما كان الدخان يتصاعد في سماء المدينة، وتتعالى صرخات الأهالي تحت الأنقاض، كانت مشاهد الدمار تُبث مباشرة عبر مقاطع الفيديو التي اجتاحت الإنترنت كالنار في الهشيم.
أظهرت تلك المقاطع أحزمة نارية تملأ الأجواء، وأصوات رصاص كثيف تخللتها صرخات مفزعة من الأهالي، ما كشف عن حجم الرعب الذي عاشه السكان خلال القصف.
ضحايا بالعشرات والمستشفيات في حالة فوضى
مراسل الجزيرة أفاد باستشهاد ستة فلسطينيين وإصابة العشرات بجراح خطيرة، فيما أُغلق الطريق أمام سيارات الإسعاف التي عجزت عن الوصول إلى الضحايا بسبب كثافة القصف. مستشفى ناصر الطبي استقبل أفواجًا من الجرحى والشهداء وسط حالة من الفوضى والذهول.
وأظهرت تسجيلات مرئية وصول عدد كبير من المصابين إلى المستشفى، وسط تأكيدات من مصادر محلية بعجز سيارات الإسعاف التام عن التحرك أو انتشال الجرحى بسبب استمرار الهجمات.
شهادات مروعة من قلب الحدث
الناشط تامر كتب على منصة “إكس”: “خان يونس تحترق.. لا نعرف من استُشهد ومن نجا، حتى الإسعاف لا يستطيع الاقتراب”، بينما قال الكاتب إياد القرا: “المدينة تُقصف من كل اتجاه، الطائرات فوقنا بلا توقف.. كأننا نعيش مجددًا رفح 2024”.
خان يونس تحترق، وعدد كبير من الشهداء ارتقوا نتيجة غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت المدينة، ولا تستطيع سيارات الإسعاف حتى هذه اللحظة انتشال المصابين والشهداء أو ممارسة عملها.
لحظات خطيرة جداً في خانيونس. pic.twitter.com/HNeUwcBJWL
— Tamer | تامر (@tamerqdh) May 19, 2025
وقال في تدوينة أخرى إن ما حدث يُذكّر بالمجازر السابقة التي ارتُكبت في عام 2018 ورفح. كما أشار إلى أن أنواع الطائرات المستخدمة كانت متعددة وضربت جميع مناطق المدينة بلا توقف.
قصف في كل مكان طائرات بالعشرات من كافة الانواع تضرب في كل مكان، هكذا كان صباح خانيونس.
شهداء وجرى يصلون المستشفيات.
الحادثة تشبه ما عشناه عام 2018 ورفح 2024 .
يبدو ان حدث كبير وقع وسط خانيونس لم تتضح معالمه حتى الان.— د.إياد ابراهيم القرا (@iyad_alqarra) May 19, 2025
نصف ساعة من الرعب على لسان السكان
التفاعل على منصات التواصل لم يكن فقط صدمة، بل شهادة حية من سكان عاشوا لحظات الرعب. أحدهم كتب: “عشنا نصف ساعة كأنها القيامة.. لا مأمن من الطائرات، لا منازل تحمينا، ولا خيام تسلم من النار”. وأضاف آخر: “كل أنواع الطيران والقصف كانت حاضرة.. أحسسنا أن المدينة تُباد بالكامل”.
عملية “عربات جدعون” تغطي على إبادة جماعية
صرح المتحدث باسم جيش الاحتلال، إيفي ديفرين، أن قواتهم تنفذ عمليات في مختلف مناطق قطاع غزة. وأشار إلى أن هذه التحركات تأتي ضمن مرحلة متقدمة من عملية “عربات جدعون”. مع ذلك، كشفت المشاهد في خان يونس حقيقة مختلفة تمامًا. حيث أظهرت الوقائع على الأرض عملية إبادة ممنهجة تستهدف المدنيين دون استثناء. وتحت غطاء “الحرب على الإرهاب”، واصل القصف حصد الأرواح وتدمير الأحياء. وهكذا، تحولت المدينة إلى رماد ودموع وآلام لا توصف.
في الوقت نفسه، أكد موقع “والا” الإسرائيلي تنفيذ عملية خاصة في خان يونس. لكن، وحتى اللحظة، لم تصدر تفاصيل دقيقة عن طبيعة العملية. وسط تعتيم إعلامي واسع حول ما يجري على الأرض.
