في تصعيد خطير يكشف فشلًا استخباراتيًا وعسكريًا، نفذت قوة إسرائيلية خاصة عملية سرية في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، انتهت بمجزرة إنسانية وفشل تكتيكي رغم اغتيالها القيادي أحمد سرحان، أحد أبرز قادة ألوية الناصر صلاح الدين.
الهدف الاستخباراتي وسبب الفشل الميداني
وبحسب مصادر إسرائيلية، فقد كان الهدف من العملية اعتقال سرحان حيًا واستجوابه لاستخلاص معلومات حول الأسرى الإسرائيليين في غزة. إلا أن المهمة انقلبت إلى عملية تصفية، في ظل تعقيد ميداني أدى إلى تعثر القوة الخاصة وانكشافها، بحسب ما أوردته صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
تشكيك في جدوى العملية وتقدير موقف مضطرب
ووفق مراسل جيش الاحتلال، فإن تنفيذ الاغتيال بهذا الشكل “لم يكن ضروريًا”، وكان من الممكن استهدافه جوًا دون المخاطرة بالقوات الخاصة، ما يعكس ارتباكًا في تقدير الموقف.
روايات شهود العيان: تنفيذ بلباس نسائي وقتل مدنيين
نقلت الجزيرة روايات مروعة عن شهود عيان تحدثوا عن تفاصيل الاقتحام الإسرائيلي في حي الكتيبة بخان يونس. وبحسب الشهود، تسللت قوة خاصة بلباس نسائي داخل مركبة مدنية واقتحمت منزل القيادي أحمد سرحان. خلال الاقتحام، نفذت القوة إعدامًا ميدانيًا بحقه أمام أسرته، مما أثار حالة من الذعر الشديد. بعد ذلك، اعتقلت زوجته وأطفاله دون أي مقاومة، ثم انسحبت بسرعة من المكان. لكن أثناء الانسحاب، أطلقت النار على طفل آخر وقتلته بدم بارد، بحسب الروايات. وقد غطّت الطائرات الإسرائيلية العملية بأكثر من 40 غارة خلال 40 دقيقة، ما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى، وسط إطلاق نار كثيف من الطائرات المروحية والدبابات.
تفاصيل من الميدان وتوثيق الجزيرة
أكد مراسل الجزيرة هاني الشاعر أن فريق القناة وصل إلى موقع الحدث في حي الكتيبة جنوب مدينة خان يونس. حيث استمع إلى روايات شهود عيان أكدوا أن القوة الخاصة نفذت إعدامًا ميدانيًا بحق أحمد سرحان داخل منزله. كما أوضح الشهود أن القوة اعتقلت زوجته وأطفاله أثناء الاقتحام، ثم انسحبت من المنطقة بسرعة. في الوقت نفسه، شن الطيران الحربي الإسرائيلي قصفًا جويًا مكثفًا استمر لأكثر من 40 دقيقة، وذلك لتأمين انسحاب القوة تحت غطاء من إطلاق النار الكثيف.
ردود متضاربة وتأكيدات رسمية
نقل موقع “والا” الإسرائيلي عن مصدر عسكري أن الهدف من العملية كان اغتيال أحمد سرحان، القيادي البارز في ألوية الناصر صلاح الدين، وليس فقط اعتقاله. في المقابل، أصدرت الألوية بيانًا نعت فيه الشهيد أحمد كامل سرحان. وقد أكدت أنه كان مسؤول العمل الخاص في الجناح العسكري للجان المقاومة. كما أنه قد خاض اشتباكًا بطوليًا مع القوة الإسرائيلية، مما أدى إلى إفشال العملية.
استهداف غير مبرر لمواقع مدنية وطبية
الهجمات لم تتوقف عند موقع الاشتباك، بل طالت خيام النازحين وسط المدينة، ومعمل الأدوية التابع لمجمع ناصر الطبي، في استهداف يعكس استهتارًا صريحًا بالقانون الإنساني. وأكدت قناة الأقصى لاحقًا وصول جثمان الشهيد سرحان إلى مستشفى ناصر الطبي.
نتائج العملية: فشل أمني وانتهاك إنساني
رغم إعلان المتحدث باسم الجيش استمرار عملية “عربات جدعون”، فإن ما جرى في خان يونس يعكس فشلًا مزدوجًا: أمنيًا في تنفيذ المهمة كما خُطط لها، وإنسانيًا في حجم الانتهاكات التي رافقتها. في المحصلة، اغتيال سرحان لم يكن نصرًا، بل عنوانًا لعملية مرتبكة دموية، سيكون لها ما بعدها في معادلة الصراع.