مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، تتجه الأنظار إلى مناطق الشمال الشرقي من البلاد، حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” الكردية، التي تضم معظم ثروات سوريا من نفط وزراعة ومياه. هذه الخطوة وُصفت بـ”البشرى السياسية والاقتصادية” من قبل القيادات الكردية، لكنّها مشروطة بإصلاحات دستورية تعترف بحقوق الأكراد ضمن إطار الدولة الموحدة.
إعلان مفاجئ من الرياض
زيارة ترامب إلى الرياض كانت المنصة التي أطلق منها هذا الإعلان المفاجئ، مؤكدًا أنه يهدف لمنح سوريا “فرصة جديدة”. في المقابل، شدد قادة الأكراد على ضرورة أن يواكب الانفتاح الاقتصادي استقرار سياسي حقيقي، وتحقيق شراكات شفافة تُكرس دولة لا مركزية تحترم حقوق الإنسان.
سقوط النظام السوري كمحطة فاصلة
تزامن قرار رفع العقوبات مع مرحلة جديدة في المشهد السوري، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، ما دفع الإدارة الجديدة في دمشق إلى الدفع نحو إنهاء العقوبات كشرط أساسي لتحقيق الاستقرار والنهوض الاقتصادي.
آثار العقوبات طويلة الأمد
العقوبات الأميركية التي بدأت منذ عام 1979 وتوسعت بعد الثورة السورية وقانون “قيصر” عام 2019، كبلت اقتصاد البلاد، ولم تستثنِ مناطق الأكراد رغم استقلالها الإداري عن دمشق، نظراً لاعتمادها على الليرة السورية واستمرار الحصار الاقتصادي.
تقييم اقتصادي للمناطق الكردية
يرى خبراء أن رفع العقوبات يفتح الباب أمام استثمارات في النفط والزراعة والثروة الحيوانية، مع احتمالية عودة شركات دولية. لكنهم يحذرون من غياب البنية التحتية، وتضارب المصالح الإقليمية، وغياب اعتراف رسمي بالإدارة الذاتية، ما يعمّق عزلة المنطقة.
تحديات البنية التحتية والاعتراف السياسي
أوضح محللون اقتصاديون أن مناطق الإدارة الذاتية تمتلك موارد وفيرة. حيث تنتج فائضًا من القمح وتتمتع بمصادر مائية جيدة. مع ذلك، تفتقر هذه المناطق إلى منفذ بحري. كما تعاني من ضعف في البنية التحتية والخدمات الأساسية. لذلك، تظل فرص جذب رؤوس الأموال محدودة، خاصة في ظل غياب توافق سياسي واضح مع دمشق.
تحسن نسبي يخفي هشاشة اقتصادية
ورغم التحسن النسبي في سعر صرف الليرة بنسبة 23%، يشكك اقتصاديون في استدامة هذا الانتعاش دون إصلاحات جوهرية. ويخشى البعض من أن تتحول فرصة رفع العقوبات إلى مجرد إجراء رمزي، في ظل غياب اتفاق سياسي شامل مع دمشق يضمن الاستقرار وجذب الاستثمارات.
بين الأمل الشعبي والتحديات السياسية
تبقى مناطق الأكراد في سوريا معلقة بين أمل شعبي بتحسن اقتصادي وواقع سياسي شديد التعقيد. ورغم رفع العقوبات، إلا أن ذلك لا يكفي لتحقيق استقرار فعلي. حيث تحتاج المنطقة إلى تسوية سياسية شاملة تعيد الثقة بين الأطراف. كما أن الاعتراف الواضح بحقوق جميع المكونات السورية يُعد شرطًا أساسيًا لأي تحول مستدام. بدون هذه الخطوات، ستظل الآمال قائمة ولكن بلا نتائج ملموسة.