في مشهد دموي يهزّ الضمير الإنساني، استيقظت باكستان اليوم على فاجعة جديدة، بعدما استهدف تفجير انتحاري حافلة مدرسية تقل أطفالًا في منطقة خوزدار بإقليم بلوشستان المضطرب جنوب البلاد. التفجير، الذي وصفه المسؤولون بـ”الوحشي”، أسفر عن مقتل أربعة أطفال على الأقل وإصابة العشرات، بعضهم في حالة حرجة، مما يُنذر بارتفاع حصيلة الضحايا في الساعات المقبلة.
رسالة تتجاوز المؤسسة العسكرية
الحافلة التي تعرّضت للهجوم كانت مخصصة لنقل أبناء العسكريين إلى مدرسة داخل معسكر للجيش. ويكشف ذلك أن الرسالة لم تكن موجهة للجيش وحده، بل استهدفت براءة الطفولة نفسها. وأعلنت جماعة “جيش تحرير بلوشستان”، وهي تنظيم انفصالي مسلح، مسؤوليتها عن الهجوم، في استمرار لمسلسل العنف الذي يعصف بالإقليم منذ عقود. وقد أكد ياسر إقبال، المسؤول عن إدارة منطقة خوزدار، أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الهجوم نفذه انتحاري، مستهدفًا الحافلة التي كانت تقل نحو أربعين طالبًا.
ردود فعل غاضبة من الحكومة
وزير الداخلية الباكستاني، محسن نقفي، لم يُخفِ صدمته وغضبه، وندّد بشدة بالجريمة، واصفًا منفذيها بأنهم “وحوش” لا يمتّون للإنسانية بصلة. وأضاف: “استهداف أطفال أبرياء يُعد عملاً بربريًا لا يمكن غفرانه”.
بلوشستان: موارد غنية وصراعات مزمنة
رغم امتلاك إقليم بلوشستان ثروات طبيعية كبيرة ومساحة جغرافية شاسعة، عانت حكومات باكستان المتعاقبة من فشل في تنميته اقتصاديًا. ونتيجة لذلك، عاش السكان في فقر مزمن وتهميش مستمر، مما وفّر أرضًا خصبة لنمو الجماعات الانفصالية. وزادت هذه الجماعات من نشاطها في السنوات الأخيرة. وفي مارس الماضي، فجّرت “جيش تحرير بلوشستان” خطًا للسكك الحديدية واحتجزت ركّابًا، وقتلت 31 شخصًا.
تشابك أمني وإقليمي معقد
كما لا تغيب عن المشهد جماعات إرهابية أخرى، مثل فرع تنظيم الدولة الإسلامية، الذي نفّذ عدة هجمات دموية في الإقليم. ويتعقّد الوضع أكثر مع الاتهامات المتبادلة بين باكستان وأفغانستان حول دعم المقاتلين، إضافة إلى اتهامات إسلام آباد للهند بدعم المتمردين البلوش.
من جهة أخرى، يعكس هذا الهجوم تصاعد أعمال العنف في المناطق الغربية من باكستان. وسيطرت حركة طالبان على الحكم في كابل خلال صيف عام 2021، ما ساهم في زيادة التوتر على الحدود بين البلدين.
دعوات لحل جذري ينهي العنف
في ظل هذا التصعيد الدموي، تزداد الحاجة إلى حل جذري يحفظ أمن الأطفال وكرامة السكان، ويوقف نزيف العنف الذي لا يعرف للبراءة حرمة.