في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية الأميركية، فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب قيوداً جديدة على عمل الصحفيين داخل مبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في ما اعتُبر ضربة مباشرة لحرية الإعلام.
الإعلان الرسمي وذرائع الأمن
القيود الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ الفوري، أعلنها وزير الدفاع بيت هيغسيث، وتقضي بإلزام الصحفيين المعتمدين بالحصول على مرافق رسمي قبل دخول معظم مرافق الوزارة. واعتبر هيغسيث أن القرار يهدف إلى “حماية المعلومات الحساسة وأمن العمليات”، رغم تأكيده التزام البنتاغون بمبدأ الشفافية.
وفي مذكرة رسمية، شدد هيغسيث على أن وزارة الدفاع “ملزمة بحماية المعلومات الاستخباراتية السرية، والتي قد يؤدي الكشف عنها إلى تعريض حياة الجنود الأميركيين للخطر”، مشيراً إلى أن الأولوية القصوى هي لضمان أمن العمليات.
رد فعل الصحفيين وانتقادات لاذعة
لكن رابطة صحافة البنتاغون ردّت ببيان حاد اللهجة، وصفت فيه الخطوة بـ”الهجوم السافر على حرية الإعلام”. كما أكدت الرابطة أن الصحفيين حافظوا على دخولهم إلى مباني الوزارة بحرية طوال عقود. واستمر ذلك حتى بعد أحداث 11 سبتمبر، وتحت إدارات جمهورية وديمقراطية دون فرض قيود مشددة.
وصفت الرابطة المبررات الأمنية التي قدمتها الوزارة بأنها “واهية”. وأكدت أن الصحفيين دخلوا مناطق غير حساسة في البنتاغون طوال عقود دون أن يشكلوا أي تهديد أمني يُذكر.
خلفيات سياسية واتهامات بالتحيز
هذه الخطوة ليست معزولة عن السياق العام، بل تأتي في سياق نهج تتبعه إدارة ترامب لتضييق الخناق على المؤسسات الإعلامية المستقلة. فبالتوازي مع فرض القيود، منحت الإدارة إجازات مؤقتة لثلاثة مسؤولين في إطار تحقيق داخلي مرتبط بالتسريبات. علاوة على ذلك، طُلب من وسائل إعلام بارزة، مثل “نيويورك تايمز” و”سي إن إن” و”واشنطن بوست”، إخلاء مكاتبها داخل البنتاغون. في المقابل، وفرت الإدارة المساحات ذاتها لمؤسسات إعلامية موالية للرئيس، من بينها “برايتبارت” و”وان أميركا نيوز”، وهو ما يعكس توجهاً لإعادة تشكيل المشهد الإعلامي داخل المؤسسة العسكرية بما يخدم رواية السلطة.
تصعيد إضافي وممارسات أمنية مشددة
وفي تصعيد لافت، أفادت تقارير بأن الإدارة بدأت استخدام أجهزة لكشف الكذب في بعض المؤسسات الحكومية، من بينها وزارة الأمن الداخلي، للتحقيق في التسريبات، مهددة الموظفين الرافضين بالفصل. وقد أُشير إلى أن هذه التسريبات ليست سرية بالضرورة، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز”.
البيت الأبيض يهدد ويثير المخاوف
البيت الأبيض أكد أن ترامب “لن يتسامح مع التسريبات”، متوعداً بمحاسبة المسؤولين عنها. غير أن هذا التوجه يثير قلقاً واسعاً بشأن مستقبل الصحافة الحرة في الولايات المتحدة. كما أنه يعيد إلى الواجهة السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن للديمقراطية أن تتحمل هذا الكم من القيود؟