بعد سبع سنوات من الجدل، وافقت إيران أخيرًا على الانضمام إلى اتفاقية “باليرمو” الأممية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود، في خطوة تسعى من خلالها الحكومة إلى تحسين صورتها الدولية وتخفيف العزلة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد بسبب إدراجها في “القائمة السوداء” لمجموعة العمل المالي (FATF).
شروط الانضمام المثيرة للجدل
وتأتي هذه الموافقة بشروط، أبرزها رفض الاعتراف بإسرائيل، ورفض التحكيم الدولي، والتأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها. لكن رغم الطابع الرسمي للقرار، فإن التساؤل الأساسي الذي يشغل الإيرانيين هو: هل تنعكس هذه الخطوة فعليًا على حياتهم اليومية؟
تعريف بمخاطر “القائمة السوداء”
من المهم الإشارة إلى أن مجموعة العمل المالي تُصنف كهيئة دولية تتابع قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتعمل هذه المجموعة على إصدار قوائم بالدول التي لا تلتزم بمعايير الشفافية المالية. لذلك، تؤدي هذه القوائم، وخاصة “القائمة السوداء”، إلى تداعيات اقتصادية خطيرة. فعندما تُدرج دولة ضمن هذه القائمة، تصبح عمليات التحويل المصرفي معقدة، وتضعف قدرة البلاد على جذب الاستثمارات، حتى من أقرب شركائها وحلفائها.
وعود بتحسين الاقتصاد ومخاوف من تدخل خارجي
المؤيدون يرون أن الانضمام إلى “باليرمو” قد يمهّد الطريق أمام تسهيل التحويلات المصرفية وجذب الاستثمارات، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية التي تعاني من الجمود، فضلًا عن الحد من الفساد وغسل الأموال. ويؤكد هؤلاء أن التعاون مع المؤسسات الدولية سيساعد حتى في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة، لا الغربية فحسب.
في المقابل، يحذّر المحافظون من أن الاتفاقيتين – “باليرمو” و”مكافحة تمويل الإرهاب” (CFT) – تمثلان بوابة لتدخل أجنبي محتمل في الشؤون الإيرانية، وذريعة دائمة للعقوبات الغربية.
تقاطع القرار مع المفاوضات النووية
اللافت أن قرار الانضمام تزامن مع المفاوضات النووية الجارية مع واشنطن، ما يراه البعض مؤشراً على محاولة طهران استخدام الاتفاقات كورقة ضغط دبلوماسية، لا كقناعة إصلاحية.
شكوك حول الأثر الاقتصادي الفوري
لكن رغم هذه الجهود، يشكك خبراء اقتصاديون في أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحسن فوري في معيشة المواطن، خاصة مع استمرار العقوبات الأميركية وتأثيرها المباشر على الاقتصاد، وهو ما ظهر سريعًا في تراجع الريال أمام الدولار فور إعلان القرار.
اتفاقية “باليرمو” خطوة ناقصة دون CFT
في النهاية، لا تكتمل خطوة الانضمام إلى “باليرمو” دون المصادقة على اتفاقية “مكافحة تمويل الإرهاب”. وهو ما يجعل تأثيرها الفعلي مرهونًا بمسار التفاوض الدولي ومدى استعداد الغرب لقبول الشروط الإيرانية.