في خطوة تحمل رسائل عسكرية وسياسية، صادقت الحكومة الإسرائيلية على استدعاء نحو 450 ألفًا من قوات الاحتياط، وهو ما يراه العميد المتقاعد والخبير العسكري إلياس حنا إعلانًا عن استعداد “لكافة السيناريوهات على سبع جبهات قتال”، وسط اضطرابات داخلية وضغوط اجتماعية متزايدة.
توقيت حساس وأزمة تجنيد داخلية
القرار الإسرائيلي يأتي في وقت بالغ الحساسية، حيث تتزايد الانتقادات داخل إسرائيل بشأن استمرار الحرب على غزة. كما تتصاعد الأزمة المتعلقة بتجنيد “الحريديم” اليهود المتشددين الذين يرفضون الخدمة العسكرية. ويشير حنا إلى أن هذا الاستدعاء يمنح الجيش مرونة عملياتية، لكنه مؤقت ومكلف، إذ يفرض أثقالًا مالية واجتماعية على كاهل الدولة.
الضغط الداخلي وتحديات اقتصادية وأمنية
استدعاء هذا العدد يتزامن مع عرائض احتجاجية داخلية تطالب بوقف الحرب، وتعكس حجم الأزمة السياسية والاجتماعية التي تواجهها حكومة الاحتلال. ووفق هيئة البث الإسرائيلية، فقد صدّقت الحكومة على هذا الرقم الكبير من قوات الاحتياط يوم الاثنين، في ظل تخوف من اتساع رقعة المواجهات.
قوات الاحتياط بين المهام الدفاعية والدعم اللوجستي
قوات الاحتياط، وهم جنود سابقون يعملون في السوق المدنية، يشكّلون عمادًا أساسيًا للجيش عند الضرورة. وكانت إسرائيل قد استدعت 360 ألفًا منهم بعد عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، واليوم ترفع السقف إلى 450 ألفًا. غير أن حنا يؤكد أن هؤلاء لا يُدفعون إلى غزة، بل يُستخدمون لسد الثغرات على جبهات أخرى كلبنان وسوريا والضفة الغربية، مع تعويض الوحدات النظامية التي زُجّت في المعارك داخل القطاع.
عملية “عربات جدعون” تتوسع والمقاومة تتصدى
فعليًا، بدأ الجيش الإسرائيلي إدخال 9 ألوية نظامية إلى غزة، في إطار المرحلة الثانية من عملية “عربات جدعون”، مع تركيز القتال في مناطق الشمال كبيت لاهيا وحي الشجاعية، وجنوبًا في خان يونس. وتشمل هذه الألوية وحدات مشاة ومدرعات، وتضاف إلى فرق أخرى مثل 98 و162 و252 و143 و36 التي تنشط داخل القطاع.
المقاومة تبتكر وتتصدى على الأرض
في المقابل، لا تزال المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام، تُبدع في تكتيكاتها. فقد استهدفت الآليات والجنود بقذائف مضادة للدروع والأفراد، وعمليات زرع الألغام. وقد كشفت الكتائب مؤخرًا عن تنفيذها عمليات ميدانية دقيقة في بيت لاهيا وحي الشجاعية، تضمنت تفجير حقل ألغام واستهداف قوات إسرائيلية راجلة بأسلحة خفيفة.
رسائل استراتيجية وثمن باهظ محتمل
الرسالة من استدعاء هذا العدد الهائل من الاحتياط واضحة: إسرائيل تتحضر لصراع طويل ومفتوح، وتحاول تغطية هشاشتها الداخلية باستعراض للقوة… لكن الثمن قد يكون باهظًا.