في خطوة جريئة وغير مسبوقة، أطلق 300 كاتب وكاتبة من فرنسا صرخة مدوّية عبر صحيفة “ليبيراسيون”، معلنين أن الوقت قد حان لتسمية ما يحدث في قطاع غزة باسمه الحقيقي: إبادة جماعية. هذه الدعوة العلنية من نخبة المثقفين الفرنسيين تهدف إلى كسر التواطؤ بالصمت، ورفض الاكتفاء بمصطلحات مبهمة كـ”الرعب” و”الفظائع”، مؤكدين أن الكلمات تملك قوة مقاومة لا تقل عن السلاح.
دعوة لتحرك دولي وفرض عقوبات
الكتّاب شددوا على أن السكوت لم يعد مقبولاً، بل يرقى إلى التواطؤ، مطالبين بتحرك دولي عاجل يشمل وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المحتجزين تعسفاً، وتحرير الرهائن الإسرائيليين، وفرض عقوبات على إسرائيل لردعها عن مواصلة المجازر. وقالوا صراحة: “كلنا مسؤولون عمّا يجري، ولن نغفر لأنفسنا إن واصلنا الصمت”.
إدانة التصعيد العسكري وخطة احتلال غزة
في رسالتهم، أشار الكتّاب إلى أن استئناف إسرائيل لعدوانها في 18 مارس/آذار الماضي، بعد نكثها باتفاق وقف إطلاق النار، أدى إلى مقتل أكثر من 3800 فلسطيني وإصابة آلاف آخرين، في تصعيد غير مسبوق. كما دانوا العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة المسماة “عربات جدعون”، التي وصفوها بأنها جزء من خطة مبيتة لاحتلال غزة بالكامل، تحت غطاء الدعم الأميركي والتجاهل الدولي.
مجزرة مستمرة منذ أكتوبر
في سياق متصل، لفت الكتّاب إلى أن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أسفر عن سقوط أكثر من 175 ألف شهيد وجريح. والأخطر أن الغالبية العظمى من الضحايا كانوا من النساء والأطفال. علاوة على ذلك، لا يزال آلاف الفلسطينيين في عداد المفقودين، بينما اضطر مئات الآلاف إلى النزوح قسرًا من بيوتهم. وبناءً عليه، اعتبر الكتّاب أن ما يجري يمثل واحدة من أبشع المآسي الإنسانية في العصر الحديث.
الكتابة كأداة مقاومة للذاكرة والهوية
لكن الرسالة الأشد وقعا جاءت حين قالوا: “عندما يُقتل كاتب، تُقتل الذاكرة، والأرشيف، والشهادة. إن كلمات غزة تُمحى كما تُمحى أجساد أبنائها”. وأضافوا أن كتاب غزة يذكّرون العالم بأن الفلسطينيين ليسوا أرقاما أو ضحايا فحسب، بل بشرًا لهم وجوه وأحلام وقصص.
الثقافة في وجه الإبادة: نافذة ضمير عالمي
بهذه الكلمات، فتح المثقفون الفرنسيون نافذة جديدة للضمير العالمي، مؤكدين أن الثقافة ليست ترفاً في زمن الإبادة، بل مقاومة. وفي ظل هذا الموقف الإنساني الشجاع، تتجدد الدعوة إلى ضمير العالم للتحرك الفوري ووقف نزيف الدم في غزة. فالكلمات حين تخرج من قلوب الكتّاب، تصبح أداة مقاومة، وشهادة على الحقيقة، ورسالة واضحة بأن الصمت لم يعد خيارًا.