في تطور ينذر بتصعيد جديد، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم، عدداً من مدن الضفة الغربية، أبرزها مدينة دورا جنوبي الخليل وبلدة بيت ريما غرب رام الله، مما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة مع شبان فلسطينيين قاوموا عمليات التوغل المفاجئة.
كما امتدت الاقتحامات إلى مناطق أخرى مثل بلدة قبلان ومخيمي العين وعسكر في نابلس، حيث استخدمت القوات قنابل الصوت والغاز، وتسببت في تخريب ممتلكات مدنية. وفي بلدتي دير أبو ضعيف والسيلة الحارثية، جرى اعتقال شابين، بينما احتُجز عدد من الشبان في بلدة كفيرت غرب جنين.
تصعيد استيطاني وتحدٍ للمجتمع الدولي
جاءت الاقتحامات في توقيت حساس، وتلت مباشرة إعلان إسرائيل عن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. شكّل هذا الإعلان تحديًا مباشرًا للقانون الدولي، وتجاهلًا واضحًا لمواقف الأمم المتحدة التي تطالب بوقف الاستيطان. بالتزامن مع ذلك، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن إسرائيل ستبني ما وصفه بـ”الدولة اليهودية الإسرائيلية” في الضفة الغربية. اعتبر كاتس هذه الخطوة ردًا مباشرًا على المنظمات الفلسطينية، وعلى المجتمع الدولي عمومًا، مع توجيه رسائل حادة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
زيارة مستفزة وتصريحات تصعيدية
وجاءت تصريحات كاتس خلال زيارة استفزازية لمستوطنة صانور شمال الضفة، التي كانت قد أُخليت عام 2005 ضمن خطة الانسحاب من قطاع غزة التي قادها آنذاك أرييل شارون. وخاطب كاتس الغرب قائلاً: “أنتم ستعترفون بدولة فلسطينية على الورق، ونحن سنقيم الدولة اليهودية هنا على الأرض… وسيرمى هذا الورق في سلّة مهملات التاريخ”.
رد فرنسي وتمسك بحل الدولتين
في المقابل، عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته إلى سنغافورة، عن موقف حازم تجاه القضية الفلسطينية. حيث وصف الاعتراف بدولة فلسطينية بأنه واجب أخلاقي ومطلب سياسي في آنٍ واحد. وأوضح أن فرنسا تستعد للتحرك الفعلي نحو هذا الهدف من خلال مؤتمر دولي تستضيفه الأمم المتحدة في يونيو المقبل. ينظم المؤتمر تحت رعاية مشتركة بين فرنسا والسعودية، ويهدف إلى إعادة طرح حل الدولتين على الطاولة، وفتح المجال أمام اعتراف دولي أوسع بالدولة الفلسطينية.
انقسام دولي وواقع فلسطيني مأزوم
يعكس التباين الحاد بين الموقفين انقسامًا عميقًا بين اتجاهين متضادين. من جهة، تواصل إسرائيل دفع مشاريع الضم وتوسيع الاستيطان. ومن جهة أخرى، تسعى قوى دولية إلى فرض حل سياسي يستند إلى مبدأ الدولتين. في ظل هذا الصراع، يعيش الفلسطينيون واقعًا مركبًا، إذ يجدون أنفسهم محاصرين بين ضغط الاحتلال من جهة، وأمل الاعتراف بدولتهم من جهة أخرى.
وفي سياق التصعيد الميداني، واصلت قوات الاحتلال ممارساتها الاستفزازية بحق المدنيين. خلال الساعات الأولى من الصباح، صدمت آليات عسكرية إسرائيلية حافلة تقل عدداً من ذوي الأسرى والشهداء أثناء مغادرتهم مدينة جنين متجهين إلى الحج. تسببت الحادثة في أضرار مادية واضحة، كما أثارت حالة من الذعر بين الركاب. ورغم ذلك، لم تسجل إصابات بشرية، ما زاد من حالة التوتر والغضب في أوساط الفلسطينيين.