اعترضت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأحد، سفينة تحمل مساعدات رمزية إلى قطاع غزة، كان يقودها نشطاء من تحالف “أسطول الحرية”، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ.
السفينة التي ترفع العلم البريطاني وتُدعى “مادلين”، كانت تهدف إلى كسر الحصار البحري المفروض على غزة منذ عام 2007. كما كانت تهدف إلى إيصال كمية رمزية من المساعدات، تشمل الأرز وحليب الأطفال، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية في القطاع.
السفينة، التي يشغلها تحالف “أسطول الحرية”، كانت تقل 12 ناشطًا من جنسيات متعددة، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، والنائبة الفرنسية ريما حسن، بالإضافة إلى مراسل قناة الجزيرة مباشر عمر فياض.
تفاصيل عملية السيطرة: صفارات إنذار وزوارق حربية وسائل أبيض
مع اقتراب السفينة من سواحل غزة، أطلق تحالف أسطول الحرية صفارات الإنذار، وأبلغ عن اقتراب زوارق حربية إسرائيلية منها، بالتزامن مع تحليق طائرة مسيّرة ألقت سائلًا أبيض مجهولًا على سطح السفينة.
وأكدت النائبة الأوروبية ريما حسن، عبر منصة “إكس”، أن لحظة الاقتحام تمت حوالى الساعة 2 فجرًا في المياه الدولية، ووصفتها بقولها: “إنهم هنا”. لاحقًا، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية سيطرة كوماندوز البحرية على السفينة، واقتيادها إلى ميناء أسدود للتحقيق مع الركاب.
تياغو أفيلا عضو ائتلاف أسطول الحرية: نطلق الآن صفارات الإنذار على متن القارب مادلين المتجه إلى #غزة، هناك جريمة حرب ترتكب الآن #الأخبار #حرب_غزة pic.twitter.com/Ni5nUITbAU
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 8, 2025
اعتقال الطاقم ونقل القارب إلى ميناء إسرائيلي
نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صورًا لطاقم السفينة أثناء لحظة الاعتقال وهم يرتدون سترات النجاة ويرفعون أيديهم. وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن جميع أفراد الطاقم سيتم استجوابهم داخل قاعدة بحرية في أسدود تمهيدًا لترحيلهم خارج إسرائيل.
ووصفت الخارجية الإسرائيلية الرحلة بأنها “استعراض إعلامي”، مشيرة إلى أن المساعدات الرمزية على متن السفينة “سيتم تحويلها إلى غزة عبر القنوات الإنسانية الرسمية”.
من ميناء كاتانيا إلى غزة: الرحلة رقم 36 ضمن أسطول الحرية
أبحرت “مادلين” من ميناء كاتانيا الإيطالي في بداية يونيو/حزيران، في مهمة رمزية لكسر الحصار البحري، ضمن السفينة رقم 36 من تحالف أسطول الحرية. وتحمل السفينة اسم مادلين كلاب، وهي أول فتاة فلسطينية احترفت صيد الأسماك في قطاع غزة، وفقدت والدها ومصدر رزقها خلال العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023.
الحصار البحري منذ 2007 ونداءات دولية لرفعه
تفرض إسرائيل حصارًا بحريًا على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في 2007، وتقول إن هذا الإجراء ضروري لمنع تهريب الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية. لكن المنظمات الدولية تعتبر الحصار خنقًا لحقوق السكان، وتصفه بأنه عقاب جماعي.
من جهتها، دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، إلى تكرار مبادرة “مادلين”، قائلة “قد تكون رحلة مادلين انتهت، لكن المهمة لم تنته. على كل ميناء في المتوسط إرسال قوارب مساعدات وتضامن إلى غزة”.
انتقادات أممية وردود فعل حقوقية
أدانت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية الخاصة بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، اعتراض السفينة، معتبرة أن “مادلين لا تمثل خطرًا أمنيًا على إسرائيل”. وأكدت أن اعتراضها في المياه الدولية يُعد انتهاكًا للقانون الدولي، داعية جميع موانئ المتوسط إلى إرسال قوارب مساعدات وتضامن إلى غزة.
إسرائيل تصف المهمة بالدعائية وتؤكد استمرار الحصار
من جهته، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، المهمة بأنها دعاية لصالح حماس، وأمر بمنع السفينة من الوصول إلى سواحل غزة بكل الوسائل الممكنة.
كما تُصر إسرائيل على أن الحصار البحري ضروري لمنع تهريب الأسلحة إلى حماس، رغم تحذيرات الأمم المتحدة من كارثة إنسانية في القطاع، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت التهديد بالمجاعة، بحسب تقديرات رسمية.
التداعيات والرسائل الإنسانية بعد اعتراض “مادلين”
يواصل الاحتلال فرض حصاره على قطاع غزة، رغم تصاعد التحركات الشعبية والدولية التي تهدف إلى كسره. وقد شكل اعتراض السفينة “مادلين” مثالًا حيًا على القيود المشددة التي تواجه حتى المبادرات الرمزية. في الوقت نفسه، أثارت الحادثة موجة تضامن عالمي مع سكان القطاع. كما يجسد هذا الحدث معاناة إنسانية تتجاوز الجغرافيا، ويعكس معركة مستمرة من أجل الكرامة والحق في الحياة. وبينما يتسع الصمت الدولي، تزداد الحاجة إلى موقف أخلاقي يعيد التوازن للعدالة الإنسانية.