في خطوة غير مسبوقة نحو التحول الرقمي والاستدامة، أعلنت سيراليون عن بدء تنفيذ أول شبكة اتصالات من الجيل الخامس (5G) في البلاد. ما يميز هذا المشروع أنه يعتمد بشكل رئيسي على الطاقة المتجددة لتشغيل أبراجه، في سابقة مهمة على مستوى القارة.
تعزيز الاتصال في بلد يعاني من ضعف التغطية
حتى الآن، لا تتجاوز نسبة الوصول إلى الإنترنت عريض النطاق في سيراليون 21% من السكان. ومع إطلاق الشبكة الجديدة، تأمل الحكومة في سد الفجوة الرقمية وتحسين سرعة الاتصال، خصوصًا في العاصمة فريتاون.
شراكة استراتيجية بين الاتصالات والطاقة النظيفة
المشروع ثمرة تعاون بين شركة الاتصالات المحلية “زودلابز” وشركة “كروس باوندري إنرجي” المختصة في الطاقة المتجددة في أفريقيا. تم الإعلان عنه خلال قمة الحكومة الرقمية في فريتاون، ويشمل في مرحلته الأولى تركيب 5 أبراج تدعم تقنية الجيل الخامس.
اعتماد على الطاقة الشمسية بدلًا من الوقود
وفقًا للقائمين على المشروع، ستُشغل الأبراج بالكامل باستخدام الطاقة الشمسية، مع نظام متكامل لتخزين الكهرباء في بطاريات، واستخدام احتياطي محدود للمولدات التي تعمل بالوقود الأحفوري. هذا التوجه يعكس محاولة جدية للتقليل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها سيراليون على صعيد استقرار الشبكة الكهربائية وارتفاع أسعار الوقود.
وفي هذا السياق، أوضح ديفيد كابكيما، المدير التنفيذي لشركة زودلابز، أن دمج تقنيات الجيل الخامس مع الطاقة النظيفة ليس مجرد خيار تقني، بل ضرورة لتوفير بنية تحتية رقمية مرنة، قادرة على دعم القطاعات الحيوية في البلاد.
فوائد تقنية واقتصادية مرتقبة
من المتوقع أن يسهم المشروع في تحسين جودة خدمات الإنترنت في سيراليون بشكل ملموس. وبفضل السرعات العالية وانخفاض زمن الاستجابة، ستظهر تطبيقات جديدة تخدم مختلف القطاعات. على سبيل المثال، ستتيح الشبكة تقديم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد بشكل أكثر كفاءة، ما يسهم في تحسين الوصول إلى العلاج خارج المراكز الحضرية. كذلك، ستُستخدم التقنية في تطوير المدن الذكية، من خلال إدارة ذكية للطاقة والنقل.
وفي قطاع التعليم، ستمكن الشبكة من توسيع نطاق خدمات التعليم الرقمي، خاصة في المناطق النائية. علاوة على ذلك، من المنتظر أن تدعم هذه البنية الرقمية الأعمال الصغيرة في المناطق الريفية، عبر تحسين الاتصال بالأسواق والمنصات الإلكترونية.
كما يلفت محللون إلى أن الدمج بين الطاقة الشمسية والاتصالات المتقدمة يعد حلًا مبتكرًا لتحديين رئيسيين تواجههما الدول النامية، وهما ضعف الاتصال وصعوبة الوصول إلى طاقة مستقرة. كما يمنح هذا التوجه سيراليون نموذجًا فريدًا يمكن البناء عليه مستقبلًا.
أفريقيا تتقدم تدريجيًا في تبني الجيل الخامس
رغم أن نسبة انتشار الجيل الخامس في أفريقيا لا تزال منخفضة (1.4% حتى عام 2024 وفقًا لشركة “أومديا”)، إلا أن التوقعات تشير إلى نمو يصل إلى 25% بحلول عام 2029.
حاليًا، تتصدر جنوب أفريقيا القارة بعدد مستخدمين يتجاوز 10.8 ملايين وتغطية تغطي نصف السكان، في حين تسعى دول مثل نيجيريا وكينيا وإثيوبيا إلى تسريع نشر الشبكة رغم التحديات التنظيمية والمالية.
نموذج واعد لباقي دول القارة
يرى مراقبون أن مبادرة الجيل الخامس في سيراليون قد تشكل نموذجًا يحتذى به، خاصة إذا أثبتت الشبكة كفاءتها واستدامتها في بيئة تعاني من مشكلات في الطاقة والبنية التحتية. ويؤكد هؤلاء أن الدمج بين التحول الرقمي والطاقة النظيفة يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا في مستقبل القارة.
كما يشير تقرير لمنصة Daba Finance إلى أن هذا النوع من المشاريع يتماشى مع الدعوات العالمية لتطوير بنية تحتية رقمية مرنة مناخيًا، ويوفّر حلاً عمليًا يساهم في تسريع التحول الرقمي في الأسواق الناشئة دون الاعتماد الكامل على الوقود الأحفوري.