في تحول استراتيجي جديد، أعلنت شركة ميتا عن إطلاق الإعلانات داخل تطبيق واتساب، وهو ما يمثل خطوة كبيرة منذ الاستحواذ على التطبيق في عام 2014. وتأتي هذه الخطوة بعد أكثر من 11 عامًا من شراء التطبيق بمبلغ 19 مليار دولار، في مسعى لتحويله إلى مصدر دخل رئيسي للشركة.
الإعلانات ستظهر فقط في تبويب “التحديثات”
وفقًا للإعلان الرسمي، ستظهر الإعلانات فقط في قسم “التحديثات” (Updates) داخل واتساب، وتحديدًا ضمن ميزة “الحالة” (Status) التي تتيح للمستخدمين مشاركة صور وفيديوهات تختفي بعد 24 ساعة. تهدف ميتا إلى فصل الإعلانات عن المحادثات الشخصية، لتقليل التأثير على تجربة المستخدم.
تركيز على الأعمال: تفاعل مباشر عبر الرسائل
الإعلانات الجديدة تحمل اسم “Status Ads”، وستسمح للشركات بدعوة المستخدمين للتفاعل المباشر عبر الرسائل. كما تعتبر هذه الإعلانات امتدادًا لنوع إعلانات “انقر للرسالة” الموجودة حاليًا في فيسبوك وإنستغرام، والتي تحول المستخدمين إلى محادثات داخل واتساب.
توسع في ميزة “القنوات”: إعلانات واشتراكات
إلى جانب الإعلانات في الحالة، تخطط ميتا لتحقيق دخل إضافي من ميزة “القنوات” (Channels). حيث ستمكن الشركات والأفراد من:
- ترويج قنواتهم عبر الإعلانات المدفوعة داخل دليل القنوات
- فرض رسوم اشتراك شهرية للحصول على محتوى حصري أو تحديثات خاصة
رغم أن ميتا لن تحصل فورًا على نسبة من هذه الاشتراكات، إلا أنها تخطط لاقتطاع 10% منها لاحقًا.
زوكربيرغ: واتساب هو الفصل التالي في مسيرة ميتا
بحسب ما صرح به مارك زوكربيرغ في 2022، فإن “واتساب يمثل المرحلة المقبلة في تاريخ ميتا”. ومع تجاوز عدد مستخدمي التطبيق حاجز 3 مليارات مستخدم شهريًا، من بينهم أكثر من 100 مليون في الولايات المتحدة، ترى ميتا في التطبيق فرصة ذهبية لتوسيع نموذجها الإعلاني.
ماذا عن خصوصية المستخدمين؟
أكدت الشركة أن استهداف الإعلانات في واتساب سيعتمد على بيانات بسيطة فقط، مثل الدولة أو المدينة التي يقيم فيها المستخدم، ونوع الجهاز الذي يستخدمه، بالإضافة إلى اللغة المفضلة. علاوة على ذلك، تأخذ ميتا في الاعتبار القنوات التي يتابعها المستخدم وطريقة تفاعله مع الإعلانات السابقة. وفي المقابل، شددت الشركة على أن الرسائل والمكالمات ستبقى مشفرة بالكامل من طرف إلى طرف، ولن تخضع لأي تحليل أو استخدام لأغراض إعلانية.
المؤسسون الأصليون رفضوا الإعلانات
التحول الحالي يُعد تناقضًا واضحًا مع فلسفة مؤسسي واتساب، يان كوم وبرايان أكتون، اللذين عُرفا برفضهما الشديد للإعلانات، وهو ما أدى إلى مغادرتهما الشركة بعد خلافات مع إدارة فيسبوك سابقًا.
تقديرات الإيرادات: ميتا تكشف جزئيًا
ورغم أن ميتا لم تكشف عن الإيرادات الدقيقة لتطبيق واتساب، تشير تقديرات محللين إلى أن دخله السنوي يتراوح بين 500 مليون إلى مليار دولار، يأتون بشكل أساسي من تقديم خدمات وأدوات مدفوعة للشركات.
هل تنجح ميتا في تحويل واتساب إلى منصة ربحية؟
تراهن ميتا على أن الإعلانات المحدودة والميزات المدفوعة لن تُزعج المستخدمين، بل ستفتح آفاقًا جديدة للشركات للتواصل مباشرة مع العملاء. ومع نمو قاعدة المستخدمين العالميين، قد يُشكل واتساب قريبًا ركيزة أساسية في استراتيجية ميتا التجارية.
بهذه التحديثات، يتحول واتساب من مجرد تطبيق محادثات إلى منصة متعددة الوظائف تتيح للمستخدمين الوصول إلى محتوى عام، التفاعل مع الأنشطة التجارية، الاشتراك في القنوات، وكل ذلك دون التضحية بالخصوصية. وتظل الأيام كفيلة بكشف مدى نجاح هذه الاستراتيجية.