في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الحكومة الإيرانية أنها فرضت انقطاعًا شبه كامل للإنترنت في جميع أنحاء البلاد هذا الأسبوع، في محاولة لصد ما وصفته بهجمات إلكترونية إسرائيلية تستهدف البنية التحتية الحيوية.
خلفية الانقطاع: عزلة رقمية تامة
شهد الإيرانيون في الداخل والخارج انقطاعًا شبه كلي للإنترنت، ما تسبب في شلل تام لوسائل الاتصال، وصعوبة في الوصول إلى الأخبار المتعلقة بالحرب مع إسرائيل. لم يكن واضحًا في البداية من المسؤول عن هذه الخطوة، غير أن السلطات الإيرانية أكدت لاحقًا أن القرار اتُخذ لأسباب أمنية بحتة.
تصريح رسمي: الأمن أولًا
قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، في تصريحات لوسائل إعلام محلية “نحن في مواجهة هجمات سيبرانية تستهدف البنى التحتية للبلاد، بما في ذلك البنوك. هناك طائرات مسيرة يديرها العدو عبر الإنترنت، كما وقع اختراق لأحد منصات العملات الرقمية. في ضوء هذه الظروف، قررنا فرض قيود على الإنترنت العالمي والاعتماد على الشبكة الوطنية.”
الهجمات الإلكترونية: مسؤولية جماعة “العصفور المفترس”
اتهمت طهران مجموعة قرصنة تُعرف باسم “Predatory Sparrow” أو العصفور المفترس، التي تنشط ضد النظام الإيراني، بتنفيذ سلسلة من الهجمات السيبرانية. وقد استهدفت هذه المجموعة، التي يعتقد أنها موالية لإسرائيل، عدة مرافق حساسة في إيران مثل محطة وقود، ومصانع الصلب، ومصرف سپه، ومنصة نوبیتکس للعملات المشفرة.
معاناة المدنيين: عزلة في خضم الحرب
في ظل القصف الإسرائيلي المستمر، ازدادت معاناة الإيرانيين بسبب فقدان وسائل الاتصال. قال أمير رشيدي، مدير الأمن السيبراني في منظمة Miaan Group، إن عائلته اضطرت لإخلاء منزلها في طهران بعد تلقي تحذيرات باستهداف المنطقة. وأضاف بأسى “لم أسمع أخبارًا عنهم منذ يومين. لا يوجد إنترنت، ولا حتى مكالمات هاتفية. الاتصال الخارجي مقطوع تمامًا، ومن يحاول الاتصال من الخارج يسمع رسالة مسجلة لا معنى لها.”
The world must see the truth!
The Israeli regime is not only committing aggression against Iran—it is waging a war on truth and human conscience.
Israel has banned foreign media from covering missile strikes, subject to #IDF censorship.
Why? To hide its crimes: While #Iran…
— Foreign Ministry, Islamic Republic of Iran 🇮🇷 (@IRIMFA_EN) June 20, 2025
محاولات محدودة للاتصال
من جهة أخرى، أشار الناشط السيبراني الإيراني نريمان غريب، المقيم في المملكة المتحدة، إلى أن هناك قلة قليلة من المستخدمين ما زالوا قادرين على الوصول إلى الإنترنت. يحدث ذلك إما من خلال خوادم خاصة (VPS) تُستخدم كوسائط للتحايل، أو عبر اتصالات ADSL التي قد تعمل بشكل متقطع.
ورغم ذلك، شدد غريب على أن “عدد القادرين على الاتصال محدود جدًا”. وأوضح أن بعض أصدقائه الذين يمتلكون خبرات تقنية عالية يستطيعون تجاوز القيود، لكن الأغلبية الساحقة من المواطنين تعيش في عزلة رقمية شبه كاملة، نتيجة ما وصفه بـ”إغلاق تام للإنترنت داخل البلاد”.
بين الأمن القومي وحقوق المواطنين
انقطاع الإنترنت في إيران يثير تساؤلات جدية حول موازنة الأمن السيبراني مع حرية الوصول إلى المعلومات وحقوق الإنسان. وبينما تبرر الحكومة القرار بدوافع أمنية، يعاني ملايين الإيرانيين من العزلة في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخ البلاد الحديث.