مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران وتبادل الضربات الصاروخية، بات المستثمرون في حالة تأهب قصوى لاحتمال تدخل أميركي مباشر، وهو ما قد يترك أثرًا واسعًا على الأسواق العالمية، خصوصًا أسعار النفط والتضخم الأميركي.
السيناريوهات المحتملة وتأثيرها على السوق
يقيم المستثمرون في الوقت الراهن عدة سيناريوهات محتملة في حال توسع النزاع وقررت الولايات المتحدة التدخل رسميًا إلى جانب إسرائيل. ومن المتوقع، وفقًا لتقديرات عدد من المحللين، أن يؤدي أي اضطراب كبير في إمدادات النفط العالمية إلى تداعيات اقتصادية واسعة.
على سبيل المثال، قد نشهد ارتفاعًا حادًا في أسعار الطاقة، مما يعزز الضغوط التضخمية. كذلك، قد يتسبب هذا الارتفاع في زيادة معدل التضخم بشكل ملحوظ، ما يؤدي بدوره إلى تراجع ثقة المستهلكين، وبالتالي تقليص الإنفاق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه التطورات من شأنها أن تقلل من فرص خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وهو ما قد يثقل كاهل الأسواق المالية.
سوق الأسهم والنفط: تباين في ردود الفعل
رغم ارتفاع سعر النفط الأميركي بنسبة 10٪ خلال أسبوع، لم يظهر مؤشر S&P 500 تغيرًا كبيرًا. لكن بحسب الخبير “آرت هوغان” من B Riley Wealth، فإن الأسواق قد تتفاعل بعنف إذا تأثرت إمدادات النفط الإيرانية بشكل مباشر. كما يضيف هوغان: “أي تعطل في المعروض العالمي من المنتجات النفطية سيكون نقطة تحول كبيرة، لم ينعكس أثرها بعد على سعر خام غرب تكساس (WTI) الحالي”.
ثلاثة سيناريوهات اقتصادية متوقعة
وفقًا لتقرير صادر عن Oxford Economics، تم إعداد ثلاثة سيناريوهات رئيسية لتحليل تأثير التوترات الجيوسياسية المتصاعدة على الأسواق. في السيناريو الأول، يتوقع أن يؤدي خفض التصعيد إلى تأثير محدود نسبيًا على أداء الأسواق العالمية.
أما السيناريو الثاني، فيفترض توقفًا كاملًا لإنتاج النفط الإيراني، وهو ما قد يشكل ضغطًا متزايدًا على الأسعار العالمية للطاقة.
في المقابل، يُعد السيناريو الثالث هو الأخطر، إذ يتمثل في إغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي قد يرفع سعر النفط إلى 130 دولارًا للبرميل، ويرفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى نحو 6٪ بحلول نهاية العام.
تضخم مرتفع وتأجيل محتمل لخفض الفائدة
وفقًا لنفس التقرير، فإن الارتفاع الحاد في الأسعار سيؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين الأميركيين، مما يقلل من الإنفاق. كما أن هذا التضخم المرتفع قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي لتأجيل أي قرارات بخفض الفائدة.
أسعار النفط تتصدر المشهد
التأثير الأكبر حتى الآن ظهر في سوق النفط، حيث قفزت عقود خام برنت بنسبة 18٪ منذ 10 يونيو، لتسجل قرابة 79 دولارًا للبرميل. ورافق ذلك زيادة واضحة في توقعات تقلبات الأسعار، وهو ما لم يتم ملاحظته بنفس القدر في أسواق الأسهم أو السندات.
انعكاسات محتملة على الأسهم قريبًا
رغم أن سوق الأسهم الأميركية لم يُظهر رد فعل واضح حتى الآن، يرى محللو Citigroup أن تأثير ارتفاع أسعار الطاقة قد يظهر لاحقًا. وجاء في تقريرهم “حتى الآن، تجاهلت الأسهم التوترات الجيوسياسية، لكنها واضحة جدًا في أسعار النفط”.
ويضيف التقرير أن العنصر الحاسم في المرحلة المقبلة سيكون مراقبة تحركات أسعار الطاقة. فمع تصاعد التوترات، يُتوقع أن تلعب هذه الأسعار دورًا محوريًا في تحديد مسار أسواق الأسهم. وبعبارة أخرى، فإن أي تقلب كبير في أسعار النفط قد يكون كافيًا لتغيير توجهات المستثمرين ودفع الأسواق نحو موجات بيع أو شراء غير متوقعة.
سوق متقلب وتحذير من المستقبل
في ظل هذه التوترات المتزايدة، يبدو أن الأسواق تترقب بحذر. القرار الأميركي بشأن التدخل في الصراع سيكون عاملًا حاسمًا في تحديد مسار الأسواق في المرحلة المقبلة، خاصةً مع بقاء أسعار النفط في دائرة الخطر واحتمال تحولها إلى عامل ضغط كبير على الاقتصاد العالمي.