تشير دراسة حديثة أجريت عام 2024 في جامعة بوسطن إلى إمكانية الكشف المبكر عن مرض الزهايمر من خلال تحليل نبرة وكلمات الحديث اليومي. وبحسب الباحثين، فإن نموذجًا تقنيًا حديثًا استطاع التنبؤ باحتمالية تطور المرض بدقة عالية فقط عبر الاستماع إلى طريقة كلام المرضى.
أهمية التشخيص المبكر لمرض الزهايمر
يُعد اكتشاف الإصابة المبكرة بمرض الزهايمر أمرًا بالغ الأهمية، خصوصًا لأولئك الذين يعانون من ضعف إدراكي خفيف (MCI)، وهي المرحلة التي تسبق الزهايمر لدى كثير من المرضى. كلما تم تشخيص الحالة في وقت مبكر، زادت فرص التدخل العلاجي الذي يساعد في إبطاء التدهور العقلي وتحسين جودة الحياة.
كيف يعمل النموذج الجديد؟
اعتمد الباحثون في دراستهم على تسجيلات صوتية لـ 166 شخصًا مسنًا تم تشخيصهم بضعف إدراكي خفيف. ومن بين هؤلاء، تطورت حالة 90 شخصًا إلى الزهايمر خلال ست سنوات، فيما بقيت حالة 76 شخصًا مستقرة.
تم تدريب النموذج على تحديد الأنماط اللغوية التي تشير إلى تدهور إدراكي مستقبلي، وذلك من خلال:
- تحليل نبرة الصوت واستخدام المفردات
- ربط نتائج التحليل الصوتي بمعلومات أساسية مثل العمر والجنس والمستوى التعليمي
- مقارنة النتائج بحالات تطور المرض الحقيقية التي تم رصدها بعد ست سنوات
وقد أظهر النموذج دقة بلغت 78.5% في التنبؤ بتطور الحالة إلى الزهايمر.
وسيلة منخفضة التكلفة وآمنة
يتميز هذا الابتكار ببساطته وفاعليته في آنٍ معًا. فعلى عكس الفحوصات الباهظة أو التحاليل المعملية المعقّدة، يعتمد فقط على تسجيل صوتي بسيط. ومن خلال ذلك، يصبح من الممكن استخدام النموذج عبر الهواتف الذكية أو من خلال منصات الرعاية الصحية عن بُعد. وبفضل هذه المرونة، يمكن توسيع نطاق استخدامه ليصل إلى شرائح واسعة من الناس حول العالم، وبتكلفة منخفضة تناسب مختلف البيئات الصحية والاجتماعية.
آفاق مستقبلية واعدة
رغم أن الزهايمر لا يزال بلا علاج نهائي، فإن أدوات تشخيص مبكر مثل هذا النموذج قد تغير مستقبل التعامل مع المرض. فمن جهة، يمكن استخدامه لتحسين برامج التدخل المبكر التي تسهم في إبطاء التدهور العقلي.
ومن جهة أخرى، يتيح المجال أمام دراسة أعمق لأسباب تدهور الإدراك وتحديد العوامل المؤثرة فيه. كما يمكن أن يساعد بشكل فعال في تتبع الحالات عالية الخطورة بانتظام، مما يمنح الأطباء وقتًا ثمينًا لاتخاذ قرارات علاجية مبكرة ومبنية على بيانات دقيقة.
كما يرى الباحثون أن استخدام تسجيلات صوتية أوضح قد يزيد من دقة النموذج بشكل كبير، ما يفتح المجال أمام تطوير تطبيقات ذكية تساعد المرضى وذويهم في التعامل مع هذا المرض المعقّد.
في النهاية، تظهر هذه الدراسة أن التقدم في تحليل اللغة البشرية يمكن أن يحدث تحولًا جذريًا في تشخيص الأمراض العصبية مثل الزهايمر. وبدلًا من انتظار الأعراض الظاهرة، قد يكفي قريبًا تسجيل صوتي بسيط للكشف المبكر عن المرض، مما يمنح الأطباء والمرضى وقتًا ثمينًا لاتخاذ إجراءات علاجية فعّالة.