تشهد فرنسا وإسبانيا موجة حرائق غابات عنيفة وغير مسبوقة، تسببت في تلوث هوائي وإجلاء الآلاف، وسط تحذيرات رسمية من تفاقم الأوضاع بسبب الرياح وموجات الحر.
حريق يهدد مدينة مارسيليا الفرنسية
اندلع حريق ضخم في جنوب فرنسا، وامتد بسرعة نحو مدينة مارسيليا، ما دفع السلطات إلى إطلاق تحذيرات عاجلة للسكان لمغادرة الغابات والاحتماء داخل مبانٍ خرسانية مغلقة. سحب الدخان الكثيف غطت سماء المدينة، متسببة في ارتفاع نسب التلوث الهوائي إلى عشرة أضعاف الحد المسموح به.
الحريق أدى إلى سلسلة من الإجراءات الطارئة. فقد تم إغلاق مطار مارسيليا بروفانس بالكامل، كما توقفت حركة القطارات في المناطق القريبة. إضافة إلى ذلك، أُخلي مجمعان سكنيان كإجراء وقائي، بينما امتدت ألسنة اللهب لتلتهم نحو 700 هكتار من الغابات، ما زاد من خطورة الوضع البيئي والصحي في المنطقة.
وقالت فرق الإطفاء إن أكثر من 560 عنصرًا يشاركون في احتواء النيران، التي اشتعلت نتيجة احتراق سيارة، وأصيب 9 أشخاص بإجهاد خفيف جراء الدخان. كما تأثرت 10 مساكن بشكل مباشر.
اشتعال جديد قرب ناربون يدفع لتعزيزات وطنية ودولية
في منطقة ناربون جنوب فرنسا، تسبب حريق آخر في التهام 2000 هكتار من النباتات. وسرعة انتشاره دفعت إلى إجلاء سكان عدة بلدات، وسط ظروف مناخية معقدة شملت رياحًا شديدة وارتفاعًا حادًا في درجات الحرارة.
وشاركت في عمليات الإطفاء جهود مكثفة من مختلف الجهات. إذ تم حشد أكثر من ألف عنصر إطفاء من عدة مقاطعات فرنسية، في محاولة لاحتواء النيران. كما وصلت تعزيزات من فرق متخصصة قادمة من رومانيا، في حين ساهم الدعم الجوي في التصدي لامتداد ألسنة اللهب، خاصة في المناطق الوعرة والصعبة الوصول.
وأصيب خمسة من عناصر الإطفاء بجروح طفيفة، فيما ألحقت النيران أضرارًا بعدد من المنازل. كما تم إغلاق الطريق السريع الرابط بين فرنسا وإسبانيا لفترة قصيرة.
كتالونيا الإسبانية تحت حصار النيران
بالتوازي، اندلع حريق هائل في مقاطعة تاراغونا بإقليم كتالونيا شمال شرقي إسبانيا، حيث التهمت النيران أكثر من 7400 فدان من الغابات. نتيجة لذلك، اضطرت السلطات إلى فرض حظر خروج على أكثر من 18 ألف شخص، كما تم إجلاء عشرات الأسر من المناطق المهددة. وفي خطوة عاجلة، تم نشر وحدة طوارئ عسكرية إلى جانب أكثر من 300 رجل إطفاء للمشاركة في جهود السيطرة على الحريق. في بلدتي شيرتا وألدوفير، أمضى السكان الليل في حالة من القلق، بينما اقتربت ألسنة اللهب من منازلهم.
وأكدت إدارة مكافحة الحرائق أن سرعة الرياح التي تجاوزت 90 كيلومترًا في الساعة، والتضاريس الوعرة، عقّدت عمليات الإخماد.
تغيّر مناخي يفاقم حرائق الغابات
تشير بيانات الأرصاد إلى أن الحرائق تأتي في أعقاب موجة حر تاريخية سجلت أعلى درجات حرارة في إسبانيا خلال شهر يونيو. كما تعاني المناطق المتضررة من شح في الأمطار، ما أدى إلى جفاف النباتات وسهولة اشتعالها.
تحذيرات ونداءات للسلامة
طالب رؤساء البلديات والسلطات المحلية في كل من فرنسا وإسبانيا السكان بتوخي الحذر، وتقليل التحركات، لتسهيل عمل فرق الإنقاذ والإطفاء. وفي ظل استمرار الرياح الجافة والحرارة المرتفعة، تبقى حرائق الغابات في فرنسا وإسبانيا تهديدًا بيئيًا وصحيًا يستدعي استجابة طارئة.