في مشهد مفجع جديد يعكس تصاعد العنف في قطاع غزة، قُتل 16 فلسطينيًا، من بينهم 10 أطفال، جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت محيط مركز طبي في مدينة دير البلح، وسط القطاع، بحسب ما أعلنته وزارة الصحة. وأظهرت مقاطع مصوّرة تم التحقق منها جثث نساء وأطفال ملقاة وسط الدماء والركام، في مشهد أثار صدمة واسعة وغضبًا عارمًا بين الأهالي والطواقم الطبية والإنسانية، وسط تساؤلات مؤلمة حول استهداف المدنيين رغم تواجدهم في محيط منشأة طبية.
إحدى الأمهات المكلومات، سماح النوري، جلست بجوار جثة ابنتها وقالت: “كانت تحلم بانتهاء الحرب والعودة إلى المدرسة، لم تكن تفعل شيئًا سوى تلقي العلاج.. لماذا قتلوها؟”.
إسرائيل: استهدفنا عنصرًا من حماس
الجيش الإسرائيلي برر الهجوم باستهدافه عنصرًا شارك في هجوم 7 أكتوبر 2023، مؤكدًا علمه بسقوط ضحايا مدنيين، وأن التحقيق جارٍ في الحادث. كما أكدت منظمة الإغاثة الأميركية Project HOPE أن القصف وقع مباشرة أمام عيادتها “الطيارة” في دير البلح. وقالت في بيان: “نحن مصدومون ومفجوعون.. لم تعد الكلمات كافية للتعبير عن حجم الألم”.
مفاوضات التهدئة تتعثر رغم الوساطات
تزامنت الغارة مع استمرار المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في قطر، بوساطة أميركية وقطرية، في محاولة للتوصل إلى هدنة مدتها 60 يومًا تشمل تبادل أسرى وبناء أرضية لهدنة دائمة. رغم ذلك، استبعد مسؤول إسرائيلي التوصل إلى اتفاق خلال أسبوع أو أسبوعين، بينما أبدى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تفاؤله قائلاً: “نحن أقرب من أي وقت مضى”.
الوضع الإنساني في غزة على شفا الانهيار
الهجمات الإسرائيلية المتكررة منذ مارس تسببت في مقتل مئات المدنيين وإصابة الآلاف، ما سبب ضغط غير مسبوق على الباقي من مستشفيات غزة. كما حذر الأطباء في مستشفى الشفاء من أن نقص الوقود يهدد حياة الأطفال الخدج. وقال الدكتور محمد أبو سلمية: “نضع أربعة أو خمسة رضع في نفس الحاضنة بسبب انقطاع الكهرباء المستمر”.
في المقابل، ذكرت إسرائيل أنها سمحت بدخول الوقود إلى المرافق الطبية، لكن الأمم المتحدة أكدت أن الكميات غير كافية لاستمرار الخدمات الحيوية.
شروط إسرائيل وتصلب مواقف حماس
خلال لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التأكيد على شروط بلاده لإنهاء الحرب، والتي تشمل نزع سلاح حماس وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة. وفي تصريحه، شدد نتنياهو على أن إسرائيل ستمنح المفاوضات مهلة 60 يومًا لتحقيق هذه الأهداف، وإلا “فسنحققها بالقوة”، حسب قوله. في المقابل، رفضت حركة حماس بشكل قاطع أي مطالب تتعلق بالتخلي عن السلاح، ما يعكس استمرار الخلافات العميقة بين الطرفين، خصوصًا حول مستقبل الحكم في غزة بعد أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.
في ظل استمرار التصعيد العسكري وتعثر مفاوضات الهدنة، يعيش سكان غزة أوضاعًا إنسانية مأساوية، وسط غياب أفق سياسي واضح لإنهاء الحرب. وبينما يتمسك كل طرف بشروطه، يدفع المدنيون الثمن الأكبر، في مشهد يعكس فشل المجتمع الدولي في وقف دوامة العنف المتصاعدة. ومع استمرار القصف وتفاقم معاناة المستشفيات، يظل وقف إطلاق النار الشامل والمسؤول هو الخيار الوحيد لإنقاذ الباقي من الأرواح والبنى التحتية في القطاع المحاصر.