في تطور دبلوماسي لافت، كشف تقرير غير منشور من مراقبي العقوبات التابعين للأمم المتحدة أن هيئة تحرير الشام – التي تقود الحكومة السورية المؤقتة – لا تربطها هذا العام أي “علاقات نشطة” مع تنظيم القاعدة. هذا التقرير، الذي حصلت عليه وكالة “رويترز“، من المتوقع صدوره رسميًا خلال يوليو الحالي، وقد يدعم مساعي الولايات المتحدة لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.
خلفية الهيئة ودورها في الصراع السوري
كانت هيئة تحرير الشام، المعروفة سابقًا بجبهة النصرة، فرعًا رسميًا لتنظيم القاعدة في سوريا قبل أن تعلن فك ارتباطها به عام 2016. وتلعب الهيئة اليوم دورًا محوريًا في الحكومة المؤقتة التي تشكلت بعد إسقاط نظام بشار الأسد في هجوم عسكري سريع أواخر العام الماضي. وتولى زعيم الهيئة، أحمد الشرع، منصب الرئيس المؤقت لسوريا.
دلالات التقرير على السياسة الأميركية
يتزامن التقرير مع توقعات بتحرك أميركي لرفع العقوبات المفروضة من الأمم المتحدة على الهيئة وعلى قياداتها، بما في ذلك الرئيس الشرع. وقد صرح الشرع في عدة مناسبات برغبته في بناء دولة سورية شاملة وديمقراطية. كما أوضح التقرير أن “العديد من الأفراد على المستوى التكتيكي يحملون آراء أكثر تطرفًا من الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب.
العقوبات المفروضة منذ 2014
تخضع هيئة تحرير الشام منذ مايو 2014 لعقوبات أممية تشمل تجميد الأصول العالمية وحظر الأسلحة. كما تشمل القائمة عددًا من الأفراد المرتبطين بها، من بينهم أحمد الشرع المدرج منذ يوليو 2013 ضمن قائمة العقوبات.
وأشار التقرير إلى أن “بعض الدول الأعضاء أثارت مخاوف من استمرار ارتباط بعض عناصر الهيئة – خصوصًا في المناصب العسكرية – بالفكر القاعدي”، رغم انقطاع العلاقات التنظيمية الرسمية.
خطوات أميركية لرفع العقوبات
في مايو، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تحول كبير في السياسة تجاه سوريا، تمثل في توقيع أمر تنفيذي برفع العقوبات الأميركية، إلى جانب شطب الهيئة من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، في خطوة تهدف إلى تمهيد الطريق أمام إعادة إعمار سوريا وتعزيز الاستقرار.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن “الإدارة تراجع حاليًا التصنيفات المتبقية على قائمة الإرهاب المتعلقة بهيئة تحرير الشام وسوريا، وموقفها من لائحة العقوبات الأممية”.
تحديات أمام التحرك الأميركي في مجلس الأمن
ورغم الدعم الأميركي، فإن أي خطوة لإلغاء العقوبات تتطلب موافقة مجلس الأمن، خاصة من روسيا والصين. كما تُبدي موسكو وبكين تحفظات كبيرة بشأن مشاركة مقاتلين أجانب في الجيش السوري الجديد، والذين يُقدّر عددهم بأكثر من 5,000 مقاتل، بحسب تقرير الأمم المتحدة.
وكانت الصين قد عبرت عن “قلق بالغ”، مشددة على ضرورة التزام السلطات السورية الجديدة بمسؤولياتها في مكافحة الإرهاب، بما يشمل التصدي لحركات مثل “الحزب الإسلامي التركستاني” الذي يضم مقاتلين من الإيغور وآسيا الوسطى. أما السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، فقد شدد على ضرورة أن “يضم الجيش والشرطة عناصر محترفة بسجلات نظيفة”، في إشارة ضمنية إلى القلق من دمج المقاتلين غير النظاميين.
انقسامات داخلية ورفض بعض المقاتلين
وبحسب التقرير الأممي، فقد رفض بعض المقاتلين الأجانب قرار دمجهم ضمن القوات المسلحة، ووقعت حالات انشقاق بدعوى أن الرئيس الشرع “تنازل عن مبادئ الثورة”، مما يزيد من خطر الانقسامات الداخلية ويجعل الشرع هدفًا محتملاً لمحاولات اغتيال من داخل المعسكر نفسه.
يشير التقرير الأممي إلى تغير ديناميكيات العلاقات بين الحكومة السورية المؤقتة وتنظيم القاعدة، وهو ما قد يشكل نقطة تحول في السياسة الدولية تجاه سوريا. إلا أن العقبات الدبلوماسية والأمنية ما تزال قائمة، خصوصًا في ما يتعلق بمستقبل المقاتلين الأجانب والضمانات الأمنية لمرحلة ما بعد العقوبات.