تتواصل الجهود الشعبية حول العالم لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، حيث أعلنت حملة أسطول الحرية عن تحرك سفينة جديدة تحمل اسم “حنظلة” من إيطاليا باتجاه غزة، في مهمة إنسانية تحمل رسائل دعم وإغاثة.
تحركات أمنية إسرائيلية وسط استعدادات لإبحار “حنظلة”
أكدت هيئة البث الإسرائيلية، صباح الأحد، أن الأجهزة الأمنية تراقب عن كثب استعدادات مجموعة من النشطاء المؤيدين لفلسطين لإرسال سفينة جديدة تنطلق من ميناء سيراكوزي الإيطالي، بهدف كسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
تحمل السفينة اسم “حنظلة”، ومن المقرر أن تبحر في 13 يوليو/تموز الجاري، في إطار مهمة إنسانية جديدة. كما تأتي هذه الرحلة ضمن جهود حملة أسطول الحرية، التي تواصل تحركاتها رغم التحديات. ومن اللافت أن هذه الجهة سبق أن تعرضت إحدى سفنها، وهي “مادلين”، لهجوم عنيف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق من هذا العام. ومع ذلك، تُصر الحملة على مواصلة مسارها، في محاولة جديدة لكسر الحصار المفروض على غزة.
إصرار على الاستمرار رغم القمع
رغم الاعتداءات السابقة، أكد التحالف المنظم عبر صفحته على فيسبوك أن ما وصفه بـ”الاستهداف الممنهج” لن يمنعهم من مواصلة رحلاتهم البحرية السلمية. وقالوا إن التحرك يأتي استجابة للوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه سكان قطاع غزة، والذين يواجهون خطر الموت والجوع وتفشي الأمراض نتيجة الحصار المتواصل.
يضم طاقم السفينة “حنظلة” 18 مشاركًا من جنسيات متعددة، مما يعكس الطابع الدولي للمهمة. ومن بين هؤلاء شخصيات بارزة، مثل الناشط العمالي الأميركي كريستيان سمولز، إلى جانب النائبتين الفرنسيتين إيما فورو وغابرييل كاثالا. ويعكس هذا التنوع في المشاركين مدى اتساع دائرة التضامن مع الفلسطينيين، كما يؤكد في الوقت ذاته على تصاعد انخراط النقابات والنشطاء الدوليين في مواجهة الحصار، في ظل غياب المواقف الحازمة من قبل الحكومات الرسمية.
مبادرة شعبية في غياب الدعم الدولي
ووصف التحالف هذه الرحلة بأنها تحرك شعبي مستقل، يأتي كرد فعل على فشل المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية في رفع الحصار عن غزة أو تقديم الحماية للمدنيين. ودعا التحالف إلى مزيد من الدعم للجهود المدنية التي تهدف إلى إغاثة الشعب الفلسطيني المحاصر.
مشاهد الدعم في إيطاليا
في مشهد يعبر عن التضامن العالمي، تجمع عشرات النشطاء الأسبوع الماضي في ميناء سيراكوزي الإيطالي قرب السفينة “حنظلة”، ورفعوا الأعلام الفلسطينية، مرددين شعارات أبرزها: “أوقفوا إطلاق النار الآن”.
استهداف سابق لسفينة “مادلين” واعتقال النشطاء
يُذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعترض في 9 يونيو/حزيران الماضي سفينة “مادلين” أثناء إبحارها في المياه الدولية، بينما كانت في طريقها إلى غزة محملة بمساعدات إنسانية. كما تم اعتقال 12 ناشطًا دوليًا كانوا على متنها، وأفرج عنهم لاحقًا على دفعتين. 4 منهم تم إبعادهم بعد توقيعهم على تعهد بعدم العودة، بينما رفض الثمانية الآخرون التوقيع، وتم الإفراج عنهم بعد أسبوع تقريبًا.
تُجسد سفينة “حنظلة” مثالًا حيًا على الإصرار الشعبي الدولي لكسر الحصار البحري عن غزة. وفي ظل استمرار الصمت الدولي، تتحول مثل هذه المبادرات إلى صوت مقاومة إنسانية يدافع عن حق الفلسطينيين في الحياة والحرية.
دعوات من الحركة العمالية لوقف دعم الاحتلال
الناشط الأميركي كريستيان سمولز، أحد أبرز الوجوه النقابية، أعلن مشاركته في الرحلة برسالة صريحة دعا فيها النقابات العمالية الأميركية إلى إنهاء التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي.
في منشور نشره على وسائل التواصل، شدد الناشط النقابي الأميركي كريستيان سمولز على أن قتل المدنيين لا يمكن فصله عن قضايا نضال العمال. وأوضح أن استمرار إرسال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل يتعارض مع مبادئ العدالة التي تدعيها النقابات. ومن هنا، دعا إلى وقف فوري لجميع شحنات السلاح، وتمرير قرارات تدعم وقف إطلاق النار دون تأخير. واختتم رسالته بالتأكيد على أن الصمت لم يعد مقبولًا، وأن الوقوف إلى جانب المظلومين هو موقف تاريخي لا يحتمل التردد.
في النهاية، تمثل سفينة “حنظلة” أكثر من مجرد محاولة لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة، فهي صرخة ضمير عالمي في وجه الحصار والعدوان، ورسالة واضحة بأن الشعوب لم تعد تقبل الصمت. وبينما يغيب الموقف الرسمي الدولي، تتحرك المبادرات الشعبية لتُثبت أن التضامن لا تحده الحدود، وأن الأمل في العدالة ما زال حيًا، يقوده ناشطون ونقابيون يؤمنون بأن الحرية حق لا يمكن منعه، حتى ولو عبر البحر.