في تصعيد مأساوي جديد، قُتل ما لا يقل عن ثمانية فلسطينيين، معظمهم من الأطفال، وأصيب أكثر من 17 آخرين في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة، بعد سقوط صاروخ إسرائيلي على نقطة توزيع مياه، بحسب مصادر طبية فلسطينية.
الجيش الإسرائيلي: “الاستهداف كان خاطئًا”
أوضح الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي أن الصاروخ الذي سقط على مخيم النصيرات كان يستهدف أحد عناصر حركة الجهاد الإسلامي، إلا أن خللًا فنيًا أدى إلى انحرافه وسقوطه على بعد أمتار من الموقع المستهدف. وذكر البيان: “نأسف لسقوط ضحايا من المدنيين غير المتورطين”، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الواقعة قيد التحقيق حاليًا لتحديد أسباب الخطأ.
أزمة المياه تتفاقم وسط الدمار
الدكتور أحمد أبو سيفان، طبيب طوارئ في مستشفى العودة، أكد أن الغارة استهدفت موقعًا لتوزيع المياه، مما أسفر عن مقتل ستة أطفال على الفور. كما تعاني غزة من نقص حاد في المياه بسبب إغلاق محطات التحلية والصرف الصحي نتيجة انقطاع الوقود، مما دفع الأهالي للاعتماد على مراكز التوزيع لتأمين احتياجاتهم.
قصف لاحق على سوق في غزة يخلف قتلى بينهم طبيب بارز
بعد ساعات من قصف النصيرات، أفادت وسائل إعلام فلسطينية أن 12 شخصًا لقوا حتفهم في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت سوقًا وسط غزة، من بينهم الطبيب المعروف أحمد قنديل، استشاري في أحد مستشفيات المدينة. ولم تصدر وزارة الدفاع الإسرائيلية تعليقًا مباشرًا على الحادث.
حصيلة القتلى تتجاوز 58 ألفًا منذ بدء الحرب
ذكرت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 تجاوز 58 ألفًا، مع تسجيل 139 وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الأخيرة. ورغم عدم تصنيف الوزارة للضحايا حسب انتماءاتهم، تشير البيانات إلى أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال.
جهود متعثرة للتوصل إلى هدنة.. والآمال تتراجع
أعرب ستيف ويتكوف، المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، عن أمله في تقدم المفاوضات الجارية في الدوحة بشأن هدنة محتملة. وأكد أنه سيلتقي مسؤولين قطريين على هامش نهائي كأس العالم للأندية.
ومع ذلك، تشير مصادر فلسطينية وإسرائيلية إلى استمرار الخلافات الجوهرية، خاصة بشأن انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة. وقد أفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد اجتماعًا مع وزرائه لمتابعة تطورات المفاوضات.
تعثر الهدنة بسبب الشروط الإسرائيلية
تعتمد الهدنة المقترحة على وقف لإطلاق النار يستمر لمدة 60 يومًا، إلا أن الخلافات الجوهرية لا تزال تعرقل التوصل إلى اتفاق، خاصةً بشأن الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة. وفي هذا السياق، شدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في رسالة نشرها على حسابه في تليغرام، على أن إسرائيل لن تتنازل عن “مطالبها الأساسية”، والتي تشمل الإفراج عن جميع الرهائن، وتفكيك حركة حماس، وضمان عدم تحول غزة مجددًا إلى تهديد لأمن إسرائيل.
معاناة المدنيين ورفض تهجيرهم إلى “مدينة إنسانية” في رفح
تهدف إسرائيل إلى إنشاء ما يسمى “مدينة إنسانية” جنوب غزة، في رفح، لنقل مئات الآلاف من المدنيين. إلا أن الخطة تواجه انتقادات دولية حادة، ووصفتها منظمات حقوقية بأنها “تهجير قسري”. كما أشار مصدر إسرائيلي مطّلع إلى أن تنفيذ هذه الخطة مرتبط بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. لكن حماس رفضت خرائط الانسحاب التي طرحتها إسرائيل، والتي تُبقي نحو 40% من أراضي القطاع تحت سيطرتها، بما في ذلك رفح.
المدنيون بلا مأوى.. ولا مكان آمن في غزة
في ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد، سقط صاروخ إسرائيلي على منزل في مدينة غزة، كانت قد لجأت إليه عائلة فلسطينية بعد تلقيها أوامر إخلاء من جنوب القطاع. ووسط الدمار، وقف أنس مطر، أحد أقرباء الضحايا، مذهولًا وهو يشير إلى أنقاض المنزل، قائلًا “خالي وزوجته وأطفاله قتلوا جميعًا. بأي ذنب يذبح الأطفال في مجزرة دموية؟”
في النهاية، تستمر المعاناة الإنسانية في غزة مع استمرار الحرب والقصف المكثف، فيما لا تزال الجهود الدبلوماسية متعثرة وسط تعنت الأطراف المتنازعة. وفي ظل غياب الأفق السياسي، يدفع المدنيون، وخاصة الأطفال، الثمن الأكبر لهذه الحرب الطويلة.