شهدت مدينة السويداء جنوب سوريا، ذات الغالبية الدرزية، تصعيدًا دمويًا هو الأعنف منذ سنوات، إذ أعلنت وزارة الداخلية السورية مقتل أكثر من 30 شخصًا وإصابة نحو 100 آخرين في اشتباكات مسلحة بين جماعات درزية ومقاتلين من قبائل البدو.
خطف تاجر درزي يشعل الفتيل
اندلعت الاشتباكات مساء الجمعة، بعد اختطاف تاجر درزي على الطريق السريع بين دمشق والسويداء، وفق ما أفاد شهود عيان. وقد شكلت الحادثة شرارة لعنف غير مسبوق داخل المدينة، التي تعتبر عاصمة لمحافظة ذات تركيبة سكانية درزية شبه كاملة.
اشتباكات لأول مرة داخل السويداء
ورغم اندلاع مواجهات طائفية سابقة في مناطق مثل جرمانا شرق دمشق، فإنها المرة الأولى التي تصل فيها الاشتباكات إلى قلب مدينة السويداء. وتركزت المواجهات في حي “المقوس” شرقي المدينة، حيث اشتبك مقاتلون من قبائل البدو مع مجموعات درزية مسلحة.
السيطرة على حي المقوس ودعوات للتدخل الأمني
بحسب مصادر محلية، تمكنت الجماعات الدرزية المسلحة من تطويق حي المقوس والسيطرة عليه. في المقابل، شنت جماعات بدوية هجمات متفرقة على قرى درزية غرب وشمال المدينة، مما زاد من حدة التوتر. كما أعلنت وزارة الداخلية السورية نيتها التدخل المباشر في المدينة “لإنهاء النزاع”، داعية سكان السويداء إلى التعاون مع القوى الأمنية لضمان الأمن.
مشهد إنساني مأساوي وخسائر فادحة
قال مصدر طبي لمراسل وكالة “رويترز” إن 15 جثة على الأقل نُقلت إلى مشرحة مستشفى السويداء الحكومي، بينما نُقل بعض الجرحى إلى مدينة درعا لتلقي العلاج، في ظل ضعف البنية الطبية المحلية.
تحذيرات من انفجار دموي
في هذا السياق المتوتر، حذر الباحث الدرزي ريان معروف، مؤسس منصة “السويداء 24″، من خطورة التصعيد. وأوضح أن دورة العنف الحالية “انفجرت بطريقة مرعبة”، مشيرًا إلى أن الأمور قد تتجه نحو مجزرة جماعية إذا لم يتم احتواء الوضع بسرعة. هذه التصريحات تعكس حجم القلق داخل المجتمع المحلي، وتبرز الحاجة الملحة إلى تدخل فعّال قبل تفاقم المأساة.
خلفية الصراع وتفاقم المخاوف الطائفية
تأتي هذه التطورات بعد أشهر فقط من سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي على يد قوات المعارضة المدعومة من فصائل إسلامية، وهو ما عمق مخاوف الطوائف والأقليات، لا سيما بعد مجازر طائفية استهدفت العلويين في مارس الماضي، ردًا على انتهاكات سابقة نفذتها ميليشيات موالية للنظام.
هذه الاشتباكات تمثل أحد أسوأ الانفجارات الطائفية منذ انتهاء الحرب الأهلية السورية، ما يعكس هشاشة الوضع الأمني وخطورة غياب الدولة في مناطق كانت في السابق آمنة نسبيًا.
الصراع في السويداء ينذر بتوسع دائرة العنف الطائفي في سوريا مجددًا، رغم مرور أكثر من عقد على اندلاع الحرب. ويبدو أن غياب حلول سياسية جذرية وتفكك مؤسسات الدولة يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والدماء، ما لم تتحرك الأطراف المحلية والدولية لكبح هذا الانهيار الأمني.