تجري منذ 6 يوليو مفاوضات جديدة بين ممثلين عن إسرائيل وحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، لمناقشة خطة لوقف إطلاق النار في غزة تمتد لـ60 يومًا. الخطة، المدعومة من الولايات المتحدة، تتضمن مراحل متتالية للإفراج عن المحتجزين، انسحابات إسرائيلية تدريجية من غزة، ومفاوضات نحو إنهاء دائم للنزاع.
ورغم جهود الوسطاء من الولايات المتحدة وقطر ومصر، بدأ التفاؤل الذي رافق انطلاق المحادثات يتلاشى، مع بروز عقبات سياسية وعسكرية تعرقل الوصول إلى اتفاق نهائي.
تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار في غزة
تبادل الأسرى والجثامين
تشمل المرحلة الأولى من الاتفاق إطلاق سراح 10 رهائن من غزة، بالإضافة إلى تسليم جثامين 18 آخرين، وذلك على مدار فترة تمتد إلى 60 يومًا. وتُنفذ عمليات التبادل بهدوء، من دون أي مراسم رسمية أو تغطية إعلامية. في المقابل، ستقوم إسرائيل بالإفراج عن عدد غير محدد من الأسرى الفلسطينيين. ومع ذلك، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن من أصل 50 رهينة محتجزين لدى حماس وحلفائها، لا يزال نحو 20 فقط على قيد الحياة، وهو ما يعكس تعقيد الملف الإنساني في هذه المفاوضات.
إدخال المساعدات الإنسانية
بموجب اتفاق تم التوصل إليه في 19 يناير، سيتم إدخال مساعدات إنسانية كافية إلى قطاع غزة بشكل فوري. كما تشرف على هذه العملية كل من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لضمان وصول الإمدادات إلى المحتاجين دون تأخير. وتأتي هذه الخطوة كجزء أساسي من الجهود المبذولة لتخفيف المعاناة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
الانسحاب العسكري الإسرائيلي
في اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق، وبعد الإفراج عن أول دفعة من الرهائن، ستبدأ القوات الإسرائيلية بالانسحاب من مناطق في شمال غزة، وفقًا لخرائط متفق عليها مسبقًا. ثم في اليوم السابع، وبعد تسليم خمس جثامين، سيمتد الانسحاب ليشمل أجزاء من جنوب القطاع. ومن جهة أخرى، سيعمل فريق فني مشترك على ترسيم حدود هذه الانسحابات، وذلك من خلال مفاوضات سريعة تُجرى فور التوصل إلى اتفاق نهائي على الإطار العام للخطة.
مفاوضات حول وقف دائم لإطلاق النار
تبدأ المفاوضات بشأن وقف إطلاق نار دائم في اليوم الأول من بدء تنفيذ الاتفاق. وإذا تم التوصل إلى اتفاق شامل خلال هذه المفاوضات، فسيتم الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين الذين تم احتجازهم منذ السابع من أكتوبر 2023. وتمثل هذه الخطوة بندًا محوريًا في الخطة، حيث تربط بين التقدم السياسي والإنساني لضمان إنهاء شامل للنزاع.
الضمانات الدولية
تتعهد الولايات المتحدة، من خلال الرئيس دونالد ترامب، بدعم تنفيذ الاتفاق ومتابعة تطبيق بنوده. في الوقت نفسه، يقدم الوسطاء ضمانات لإجراء مفاوضات جدية خلال فترة التهدئة. وإذا استدعت الظروف، يمكن تمديد هذه الفترة لضمان استكمال المحادثات والتوصل إلى تفاهمات نهائية تعزز فرص وقف دائم لإطلاق النار.
الحسابات السياسية في إسرائيل
تواجه الخطة معارضة شديدة من وزراء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذين يرفضون أي تسوية تدعو لوقف إطلاق النار، ويطالبون بالقضاء التام على حماس.
وفي محاولة لاحتواء هذه المعارضة، يهدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى فرض شروط تسمح للجيش الإسرائيلي بالاحتفاظ بمزيد من السيطرة على أراضٍ داخل غزة، خصوصًا بين خان يونس ورفح. وتعتزم الحكومة إنشاء “مدينة إنسانية” هناك، يقال إنها ستأوي 600 ألف نازح، إلا أن منتقدين شبهوها بـ”معسكر اعتقال مغلق”.
ويرى محللون أن نتنياهو يحاول كسب الوقت حتى 27 يوليو، موعد بدء عطلة الكنيست، إذ سيكون من الصعب الإطاحة بالحكومة أثناء غياب البرلمان.
موقف حماس من المقترح
في النهاية، ترفض حماس بشدة فكرة “المدينة الإنسانية” وتصرّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى حدود ما قبل وقف إطلاق النار الذي جرى في يناير الماضي. وتخشى الحركة أن يؤدي أي اتفاق مرحلي إلى تكريس الوجود العسكري الإسرائيلي في مناطق واسعة من القطاع. كما تطالب حماس بضمانات صريحة أن تؤدي الهدنة إلى وقف دائم للحرب، لا مجرد هدنة مؤقتة يستأنف بعدها القتال.