ارتفعت أسعار النفط اليوم الخميس، بعد ثلاثة أيام من الخسائر، مدفوعة بتحسن البيانات الاقتصادية الأميركية، وتلميحات من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إمكانية خفض الرسوم الجمركية على بعض الدول. هذه التطورات انعكست إيجابيًا على الأسواق، في وقت يواصل فيه المستثمرون متابعة مستجدات الحرب التجارية وتأثيراتها على الطلب العالمي.
في أحدث تعاملات السوق، ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف، حيث صعد خام برنت بنسبة 0.03% ليصل إلى 68.54 دولارًا للبرميل. في الوقت نفسه، زاد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.26% مسجلًا 66.55 دولارًا للبرميل. يأتي هذا الارتفاع بعد أن كان الخامان قد شهدا تراجعًا بأكثر من 0.2% خلال الجلسة السابقة، مما يعكس تقلبات الأسواق وسط مؤشرات متباينة بشأن الطلب العالمي والتطورات الاقتصادية.
ترامب يخفف لهجته التجارية ويوجه رسائل للأسواق
قال ترامب إنه يعتزم إرسال إشعارات بفرض رسوم جمركية على بعض الدول الصغيرة، مع الإشارة إلى احتمال فرض رسوم تتراوح بين 10% و15%. في المقابل، أعلن عن توقيع اتفاقيات جديدة مع كل من إندونيسيا وفيتنام، كما أعرب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق تجاري مع الهند وأوروبا، فضلًا عن حديثه الإيجابي بشأن التعاون مع الصين في مجال مكافحة المخدرات.
في هذا السياق، أشارت المحللة تينا تنغ إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة تعكس تحولًا إيجابيًا في نبرة الخطاب الأميركي تجاه الصين والدول النامية. ولفتت إلى أن هذا التغيير قد يسهم، بشكل تدريجي، في تخفيف حدة الضغوط على التجارة العالمية، خاصة في ظل التوترات التجارية المتصاعدة خلال الأشهر الماضية.
تراجع المخزونات الأميركية يعزز توقعات الطلب على النفط
في تقريرها الأسبوعي، كشفت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات النفط الخام انخفضت بمقدار 3.9 ملايين برميل، لتصل إلى 422.2 مليون برميل. هذا التراجع جاء أكبر بكثير من التوقعات التي أشارت إلى انخفاض قدره 552 ألف برميل فقط، ما يعكس تحسن نشاط المصافي وارتفاع مستويات الطلب.
بيانات صينية تعزز التفاؤل في أسواق الطاقة
رغم تباطؤ النمو في الصين خلال الربع الثاني من العام، إلا أن البيانات جاءت أفضل من المتوقع. ويعود ذلك جزئيًا إلى تسريع المصانع الصينية وتيرة الإنتاج قبل دخول الرسوم الأميركية حيز التنفيذ. ارتفع معدل تكرير الخام في مصافي الصين بنسبة 8.5% خلال يونيو/حزيران على أساس سنوي، ما يشير إلى زيادة كبيرة في الطلب على الوقود.
وصرح جون بايزي، رئيس شركة ستراتاس أدفايزرز، أن التطورات الأخيرة في العلاقات الأميركية الصينية، ورفع الحظر عن بيع رقائق الذكاء الاصطناعي إلى بكين، ساهمت في دعم أسعار النفط.
الذهب يتراجع مع صعود الدولار وهدوء التوترات
في المقابل، انخفضت أسعار الذهب متأثرة بارتفاع قيمة الدولار الأميركي، حيث تراجع سعر الأوقية في المعاملات الفورية بنسبة 0.58% ليبلغ 3327.98 دولارًا، بينما هبطت العقود الأميركية الآجلة بنسبة 0.73% إلى 3334.90 دولارًا. كما ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.27% أمام سلة من العملات، ما جعل الذهب المسعر بالدولار أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى.
أشار جيجار تريفيدي، كبير المحللين في “ريلاينس سكيوريتيز”، إلى أن تراجع الذهب جاء بسبب استعادة الدولار قوته، بعد تراجع المخاوف بشأن مستقبل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
ترامب يهدئ الجدل حول مستقبل باول
أثار تقرير سابق لرويترز الجدل بعد الكشف عن أن ترامب منفتح على إقالة باول، لكنه عاد لاحقًا ليؤكد أنه لا يعتزم تنفيذ ذلك حاليًا، مع أنه أبقى الباب مفتوحًا للقرار مستقبلاً، مجددًا انتقاداته لسياسات الفائدة المرتفعة التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي.
بيانات أميركية وأوروبية تدعم الأسواق
أظهرت بيانات أميركية استقرارًا غير متوقعًا في أسعار المنتجين خلال يونيو/حزيران، حيث عوض انخفاض تكلفة الخدمات الارتفاع في أسعار السلع، نتيجة الرسوم الجمركية على الواردات.
على الصعيد الأوروبي، توجه المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي إلى واشنطن لإجراء محادثات مع المسؤولين الأميركيين بشأن الرسوم الجمركية، في محاولة جديدة لتقليل حدة التوتر التجاري العابر للأطلسي.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
سجلت المعادن الأخرى تراجعات طفيفة:
- الفضة انخفضت بنسبة 0.2% إلى 37.82 دولارًا للأوقية.
- البلاتين تراجع بنسبة 0.22% إلى 1420.43 دولارًا.
- البلاديوم هبط بنسبة 0.72% إلى 1229.85 دولارًا.
في النهاية، تأتي هذه التحركات في أسواق الطاقة والمعادن في ظل تفاعل الأسواق مع مؤشرات التهدئة في الحرب التجارية، وتحسن البيانات الاقتصادية، سواء في الولايات المتحدة أو الصين. وبينما يدفع التفاؤل أسعار النفط للارتفاع، فإن قوة الدولار تلقي بظلالها على الذهب. وتبقى العيون مفتوحة على خطوات ترامب المقبلة بشأن السياسة التجارية والاحتياطي الفيدرالي.