في تصعيد خطير استهدف المدنيين ودور العبادة، أعلنت بطريركية القدس للاتين أن كنيسة العائلة المقدسة، وهي الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في قطاع غزة، تعرّضت لقصف إسرائيلي مباشر صباح الخميس، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة عدد من المدنيين، بينهم كاهن الرعية الأب غابرييل رومانيلي.
الكنيسة كانت ملاذًا للمسلمين والمسيحيين
وفقًا لما أعلنه الدكتور فاضل نعيم، مدير مستشفى الأهلي العربي، فإن كنيسة العائلة المقدسة لم تكن مجرد دار عبادة، بل أصبحت ملاذًا إنسانيًا يؤوي عائلات نازحة من المسلمين والمسيحيين على حد سواء، من بينهم أطفال من ذوي الإعاقة. وأوضح أن الهجوم تسبب في إصابة عدد من الأشخاص، من بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى امرأتين، ورجل مسن، كما نُقل شخصان في حالة حرجة لتلقي العلاج، ما يسلط الضوء على الخطر المتزايد الذي يواجهه المدنيون في أماكن اللجوء والعبادة.
إصابة الأب رومانيلي وتاريخه في متابعة النزاع
الأب غابرييل رومانيلي، وهو أرجنتيني الجنسية، أصيب بجروح في ساقه اليسرى، وقد ظهر في فيديو لوكالة رويترز وهو يسير رغم الإصابة. الجدير بالذكر أن البابا فرنسيس الراحل كان على تواصل دائم مع رومانيلي، إذ بدأ يتصل به يوميًا منذ 9 أكتوبر 2023، في محاولة لمساندته معنويًا أثناء الحرب.
بعد وفاة البابا في أبريل، عبر الأب غابرييل رومانيلي عن حزنه العميق بكلمات مؤثرة. وقال إن العلاقة التي جمعته بالبابا الراحل تجاوزت حدود الواجب الديني. وأضاف: “حتى وهو في المستشفى، استمر في الاتصال بنا”. وبهذه الجملة أشار إلى حجم الاهتمام الشخصي الذي أبداه البابا تجاه مجتمع الكنيسة في غزة. وختم قائلًا: “لقد فقدنا شخصًا أصبح فردًا من عائلتنا الكنسية”، في تأكيد واضح على الروابط الإنسانية التي جمعت بينهما رغم ظروف الحرب القاسية.
ردود فعل دولية وانتقادات لإسرائيل
من جهتها، لم يصدر الفاتيكان أي تعليق رسمي حتى الآن بشأن الحادث. بينما أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية أنها تتابع تفاصيل الواقعة وتجري تحقيقًا. في المقابل، أدانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الهجوم بشدة، ووجهت اللوم إلى إسرائيل، قائلة “الهجمات ضد المدنيين التي تنفذها إسرائيل منذ أشهر غير مقبولة. لا يمكن لأي عمل عسكري أن يبرر هذا النوع من السلوك”.
ارتفاع أعداد الضحايا في غزة
تزامنًا مع قصف الكنيسة، قتل عشرات الفلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية على مناطق متعددة من القطاع، بينها منطقة الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، حيث قُتل أربعة أشخاص في قصف استهدف منزلاً قرب مدرسة الإمام الشافعي.
البابا فرنسيس ودعوة لوقف الحرب
في خطابه الأخير بمناسبة عيد الفصح، كان البابا فرنسيس من أبرز الأصوات العالمية التي دعت إلى إنهاء الحرب في غزة. فقد وصف الوضع الإنساني هناك بأنه “مأساوي”، مؤكدًا أن استمرار العنف لا يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة. ومن هذا المنطلق، طالب بضرورة وقف إطلاق النار فورًا، كما شدد على أهمية الإفراج عن الرهائن دون تأخير.
وإلى جانب ذلك، دعا إلى تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، مشيرًا إلى أن الشعب في غزة “يتوق إلى مستقبل يسوده السلام والكرامة”، ما يعكس التزامه الثابت بالدفاع عن حقوق المدنيين الأبرياء.
في النهاية، إن الهجوم على الكنيسة الكاثوليكية في غزة يعكس تصعيدًا مقلقًا يمس الأماكن الدينية والمدنيين على حد سواء. وبينما تستمر التحقيقات، تتصاعد ردود الفعل الدولية الرافضة للمساس بالأبرياء ودور العبادة، في ظل استمرار التوتر المتصاعد في المنطقة.