توصلت إسرائيل وسوريا إلى اتفاق وقف إطلاق النار بعد أسبوع دامٍ في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، بينهم نساء وأطفال، وفقًا لتقارير حقوقية موثوقة. جاء هذا الاتفاق بوساطة الولايات المتحدة وبدعم من تركيا والأردن ودول الجوار.
ضوء أخضر لقوات سورية محدودة
رغم رفضها السابق، وافقت إسرائيل مؤقتًا على السماح بدخول قوات الأمن الداخلي السورية إلى منطقة السويداء لمدة 48 ساعة فقط، بهدف إنهاء الاشتباكات. كما صرح مسؤول إسرائيلي أن هذه الخطوة تأتي بسبب “استمرار حالة عدم الاستقرار في جنوب غرب سوريا”.
تصعيد سابق وضربات جوية
في الأيام التي سبقت الاتفاق، نفذت إسرائيل غارات جوية استهدفت مواقع تابعة للنظام السوري في دمشق وجنوب البلاد. وادعت تل أبيب أن تدخلها جاء لحماية الأقلية الدرزية، وهي طائفة لها وجود داخل إسرائيل ولبنان أيضًا. وكانت القوات السورية قد أُرسلت لقمع الاشتباكات لكنها انسحبت لاحقًا بعد استهدافها من قبل إسرائيل، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين الدروز.
تحذيرات ومخاوف من استمرار العنف
ورغم الإعلان عن الهدنة، لا تزال أعداد كبيرة من المقاتلين البدو تتدفق إلى السويداء، ما يثير مخاوف من تجدد الاشتباكات. وأفاد سكان محليون أن المعارك لا تزال مشتعلة في شمال وغرب المحافظة، وأنهم يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء، وانقطاع الكهرباء والاتصالات منذ أيام.
دعوة أميركية لتوحيد الهوية السورية
في بيان نشره على منصة X، دعا السفير الأميركي لدى تركيا، توم باراك، الطوائف السورية المختلفة إلى “إلقاء السلاح والعمل سويًا لبناء هوية سورية جديدة وموحدة”. وأكد أن وقف إطلاق النار مدعوم من عدة أطراف إقليمية.
تقارير حقوقية صادمة
أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن توثيق 321 حالة وفاة منذ بداية الاشتباكات، شملت نساءً وأطفالًا وعاملين في المجال الطبي. وذكرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن بعض الضحايا أُعدموا ميدانيًا، في حين حُرم المدنيون من المساعدات الإنسانية وسط استمرار القتال.
دعوات أممية للوصول الإنساني
ناشدت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة جميع الأطراف السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. كما حثت مفوضية حقوق الإنسان السلطات السورية المؤقتة على التحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي شملت عمليات قتل جماعي وخطف.
انقسام بين واشنطن وتل أبيب
تعارض الولايات المتحدة الضربات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، ما يعكس تباينًا في المواقف تجاه القيادة السورية الجديدة التي تصفها إسرائيل بأنها “واجهة لتنظيمات جهادية”.
رغم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا، تبقى الأوضاع في السويداء معلقة على خيط رفيع من الأمل والخوف. فبين صمت البنادق مؤقتًا واستمرار تدفق المقاتلين وتصاعد التحذيرات الإنسانية، لا تزال المنطقة على شفا انفجار جديد.
ومع استمرار انقطاع الكهرباء والاتصالات، وغياب المساعدات الإنسانية، تبدو الحاجة ملحة لتدخل دولي فعّال يضمن تنفيذ الهدنة، وحماية المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. فهل تكون هذه الهدنة بداية لحل دائم؟ أم مجرد استراحة قصيرة قبل عودة الفوضى؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف مصير السويداء والجنوب السوري.