شهد الحزب الحاكم في اليابان ضربة سياسية قوية بعد خسارته السيطرة على مجلس الشيوخ، ما أثار مخاوف واسعة بشأن مستقبل الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. تأتي هذه الخسارة في وقت حساس تتصاعد فيه التحديات الداخلية، من تضخم العجز المالي إلى تعثر مفاوضات الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة. ومع تزايد الضغوط على الحكومة الحالية، يترقب المستثمرون والأسواق مسار السياسات المقبلة وسط حالة من الغموض بشأن مصير رئيس الوزراء وملامح التحالفات الجديدة.
تراجع قبضة إيشيبا وسط تحديات اقتصادية وتجارية
فقدان السيطرة على المجلس الأعلى أضعف من سلطة رئيس الوزراء شينزو إيشيبا، الذي أكد تمسكه بقيادة الحزب الحاكم، مشيرًا إلى أهمية الاستمرار في ظل اقتراب الموعد النهائي لمفاوضات الرسوم الجمركية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمقرر في الأول من أغسطس.
ورغم عطلة السوق اليابانية يوم الاثنين، إلا أن ارتفاع الين وعقود نيكي الآجلة عكس تقدير الأسواق المسبق لنتائج الانتخابات، وسط توقعات بتوسيع العجز المالي.
تقلبات الأسواق تسبق القرارات السياسية
شهدت السندات الحكومية اليابانية تراجعًا حادًا الأسبوع الماضي، وقفزت عوائد السندات لأجل 30 عامًا إلى أعلى مستوى تاريخي، بينما هبط الين إلى أدنى مستوياته منذ أشهر مقابل الدولار واليورو. هذه التقلبات تعكس قلق الأسواق من تأخر التوافق السياسي وتأثير ذلك على سياسة اليابان النقدية والمالية.
ترقب موقف الحكومة بعد فقدان الأغلبية
المستثمرون يترقبون قرار التحالف الحاكم بشأن استمراره كحكومة أقلية أو السعي لتشكيل تحالف جديد. ويُطرح اسم “الحزب الديمقراطي من أجل الشعب” كأحد الخيارات، خاصة وأنه يدعو إلى تيسير إضافي في السياسة النقدية من قبل بنك اليابان.
ضغوط المعارضة لخفض الضرائب تهدد الموازنة
الأحزاب المعارضة الثلاثة الرئيسية، بما فيها “سانسيتو” اليميني الشعبوي، تدعم جميعها خفض ضريبة الاستهلاك، بل إن بعضها يدعو لإلغائها تمامًا. لكن هذه الخطط تتطلب إصدار مزيد من السندات الحكومية، ما يعمق من أزمة الدين العام الياباني الذي تجاوز ضعفي الناتج المحلي الإجمالي.
مستقبل إيشيبا والاحتمالات البديلة
مصير شينزو إيشيبا لا يزال غامضًا، رغم إصراره على البقاء. وفي حال استقالته، فإن “ساناي تاكايشي”، الداعمة لسياسات آبينوميكس، تعتبر أبرز المرشحين لخلافته. ومع ذلك، يرى محللون مثل شوكي أوموري من ميزوهو للأوراق المالية أن الحزب لن يدفع نحو تغيير القيادة في ظل استمرار مفاوضات حساسة مع واشنطن.
تأثيرات محتملة على الأسواق
في حال استقال إيشيبا، قد يؤدي ذلك إلى موجة بيع من قبل المستثمرين الأجانب لأسهم اليابان والين الياباني. وتشير تقديرات بنك باركليز إلى أن خفض ضريبة المبيعات بنسبة 5٪ قد يرفع عوائد السندات لأجل 30 عامًا بمقدار 15 إلى 20 نقطة أساس. كما قد ارتفعت عائدات هذه السندات بالفعل بمقدار 80 نقطة أساس منذ بداية 2025، لتسجل أكبر فارق مع السندات لأجل 10 سنوات منذ سنوات.
الين الياباني ونطاق تقلبه في النصف الأول من 2025
شهد الين الياباني أداءً متقلبًا، متراوحًا بين 140 و160 مقابل الدولار. وقد ارتفع بقوة بعد رفع بنك اليابان للفائدة في يناير، لكنه فقد زخمه لاحقًا بسبب عدم اليقين السياسي وتعثر مفاوضات الرسوم الجمركية مع إدارة ترامب.
ورغم ارتفاع المراكز المضاربية طويلة الأجل على الين، فإن أي إعلان عن انتخابات مبكرة أو توسع في السياسة المالية قد يدفع العملة نحو هبوط سريع.
أداء مؤشر نيكاي وسط التوترات
على النقيض، ارتفع مؤشر نيكاي 225 بأكثر من 11٪ منذ الثاني من أبريل، تاريخ إعلان ترامب عن الرسوم العالمية، مما يعكس ثقة نسبية من قبل المستثمرين في قدرة السوق اليابانية على التكيف مع المتغيرات رغم الغموض السياسي.