بعد تعرضه لهزيمة قاسية في انتخابات مجلس الشيوخ، أعلن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا عزمه البقاء في منصبه، متحديًا الضغوط من داخل حزبه واحتمالات تصويت بسحب الثقة تقوده المعارضة.
تعهد بالاستمرار رغم الانقسامات
خلال مؤتمر صحفي عقده الإثنين، أكد إيشيبا أنه سيواصل قيادة الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية، خصوصًا ملف الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة، وارتفاع الأسعار الذي يؤثر على معيشة المواطنين.
قال إيشيبا إنه سيواصل البقاء في منصبه، مؤكدًا عزمه بذل كل ما في وسعه لرسم مسار واضح نحو معالجة التحديات الاقتصادية. وأضاف أنه يخطط للتواصل المباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أقرب وقت ممكن، بهدف التوصل إلى نتائج ملموسة في مفاوضات الرسوم الجمركية.
ضغوط داخلية ومعارضة متصاعدة
ومع تراجع حظوظه الانتخابية، شكك عدد من كبار قادة الحزب الحاكم في استمرار قيادته. وأفادت تقارير إعلامية محلية بأن رئيس الوزراء السابق تارو آسو، وهو من أبرز الشخصيات داخل الحزب، أعرب عن رفضه لبقاء إيشيبا في منصبه. من جهة أخرى، قال زعيم حزب المعارضة الرئيسي، الحزب الديمقراطي الدستوري (CDPJ)، يوشيهيكو نودا، إنه يدرس تقديم مذكرة بسحب الثقة، معتبرًا أن نتائج الانتخابات تعكس فقدان الشعب ثقته في الحكومة.
خسارة المقاعد وتقدم المعارضة
أسفرت الانتخابات عن حصول الحزب الليبرالي الديمقراطي وشريكه كومييتو على 47 مقعدًا فقط من أصل 50 كانوا يحتاجونها للاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ، المؤلف من 248 مقعدًا. في المقابل، حصل الحزب الديمقراطي الدستوري على 22 مقعدًا، مما عزز موقعه كأقوى قوة معارضة.
تصاعد المخاوف الاقتصادية
أثار تراجع الدعم الشعبي مخاوف المستثمرين من أن يصبح إيشيبا أكثر خضوعًا لمطالب المعارضة، التي تدعو إلى خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الاجتماعي، في وقت تُعد فيه اليابان الدولة الأكثر مديونية في العالم. كما عبر المواطنون عن استيائهم من الأداء الحكومي، خاصة في ملف الرسوم الأميركية المتوقع فرضها في أغسطس المقبل.
قلق في الأسواق رغم الإغلاق
رغم أن الأسواق اليابانية كانت مغلقة لعطلة رسمية، إلا أن الين شهد ارتفاعًا طفيفًا، وكذلك العقود الآجلة لمؤشر نيكاي، ما يشير إلى أن النتائج كانت متوقعة. في الوقت نفسه، تراجعت عائدات السندات الحكومية اليابانية بشكل حاد قبيل الانتخابات، بسبب مخاوف من فقدان الحكومة لأغلبيتها ودعوات المعارضة للتوسع في الإنفاق.
تقدم لافت لليمين المتطرف
حققت “حزب سانسيتو” اليميني المتطرف مكاسب كبيرة، مضيفًا 14 مقعدًا إلى مقعده السابق الوحيد. وقد انطلق الحزب من قناة على يوتيوب خلال جائحة كورونا، مروّجًا لنظريات مؤامرة حول اللقاحات ونفوذ النخب العالمية، ثم وسع قاعدته عبر حملة “اليابان أولًا”، وتحذيراته من “غزو صامت” من الأجانب.
ويرى مراقبون أن صعوده قد يمثل بداية دخول الشعبوية إلى السياسة اليابانية، مستلهمًا نماذج مثل حزب البديل لألمانيا (AfD) وحزب الإصلاح البريطاني.
في النهاية، تُظهر الانتخابات اليابانية الأخيرة تحوّلات سياسية عميقة، مع تآكل الثقة في الحكومة وتصاعد التيارات الشعبوية. ورغم تمسك إيشيبا بمنصبه، فإن الضغوط تتزايد داخليًا وخارجيًا، ما قد يؤدي إلى تغييرات وشيكة في المشهد السياسي الياباني.