في خطوة تصعيدية قد تمهد لضم الضفة الغربية بشكل رسمي، يستعد الكنيست الإسرائيلي للتصويت، اليوم الأربعاء، على مشروع قرار يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، رغم كونه غير ملزم قانونيًا للحكومة.
دعم سياسي واسع داخل الائتلاف الحاكم
بحسب القناة 12 الإسرائيلية، تم تقديم المشروع من قبل أعضاء في الائتلاف الحكومي قبيل دخول الكنيست في عطلته الصيفية. ويحظى القرار بدعم معلن من وزراء بارزين، من أبرزهم وزير الطاقة إيلي كوهين، الذي وصف القرار بأنه “تاريخي” وأكد “أن وقته قد حان”.
ومع أن مشروع القرار لا يرقى إلى مستوى القانون، فإنه يحمل دلالات رمزية وسياسية كبيرة، باعتباره إعلان موقف رسمي يعكس التوجه العام داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية.
مؤتمر سياسي يرسخ خطاب الضم
سبق التصويت مؤتمر حاشد عقد داخل الكنيست يوم الاثنين الماضي، وشارك فيه وزراء ونواب من اليمين، على رأسهم شخصيات من حزب الليكود، إضافة إلى ديفيد فريدمان، السفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل.
خلال المؤتمر، شدد وزير العدل ياريف ليفين على أن “إسرائيل أمام فرصة تاريخية يجب ألا تضيع”، مضيفًا أن تطبيق السيادة يجب أن يشمل جميع المستوطنات في ما تُطلق عليه إسرائيل “يهودا والسامرة”.
من جانبه، قال إيلي كوهين إن “السيادة في الضفة ضرورة أمنية قبل أن تكون خيارًا سياسيًا”، مؤكدًا أن “لن تكون هناك سوى دولة واحدة بين البحر المتوسط ونهر الأردن”، في إشارة إلى ضم الأراضي الفلسطينية بالكامل.
دعوات رسمية ورفض دولي
جاءت هذه التحركات في سياق دعوات متكررة أطلقها وزراء من الليكود، حيث وجه 14 وزيرًا، إلى جانب رئيس الكنيست أمير أوحانا، رسالة في 2 يوليو/تموز إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، طالبوه فيها بالمصادقة فورًا على قرار ضم الضفة الغربية.
وكان أوحانا قد أشار خلال المؤتمر إلى أن الكنيست سبق أن صدّق بأغلبية على رفض إقامة دولة فلسطينية، معتبرًا أن الضفة الغربية تشكل “خط الدفاع الأول عن إسرائيل”.
كما اعتبر عضو الكنيست أفيخاي بورون أن أكثر من 500 ألف مستوطن يخضعون اليوم لـ”القانون الأردني”، ويجب إخضاعهم للقانون الإسرائيلي “لحماية أمن إسرائيل وأبنائها”.
أما فريدمان، فقد أعرب عن دعمه الكامل لخطوة الضم، واصفًا إياها بأنها “مصلحة مشتركة” وليست مجرد “نزوة سياسية”، مشيرًا إلى أن تأجيل الضم خلال فترة عمله كان من “أصعب القرارات”.
سياق ميداني متفجر
يتزامن هذا التصعيد السياسي مع تصعيد ميداني متواصل في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شمل حملات اقتحام واعتقالات وعنف مستمر من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين. وبحسب بيانات فلسطينية، أسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد أكثر من 1000 فلسطيني وإصابة نحو 7000 آخرين، في ظل تجاهل دولي واسع لتبعات هذا التصعيد.
رفض عربي ودولي للضم
قوبلت هذه التحركات الإسرائيلية برفض عربي ودولي كبير، كونها تمثل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تؤكد جميعها على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية.
في النهاية، يمثل تصويت الكنيست الإسرائيلي على دعم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية تطورًا خطيرًا في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويكشف عن توجه رسمي نحو شرعنة الضم وتكريس واقع الاحتلال، في تجاهل صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. ورغم أن القرار رمزي وغير ملزم، إلا أنه يعكس تصعيدًا سياسيًا وميدانيًا من شأنه أن يعمّق حالة التوتر في المنطقة، ويقوض أي فرصة لتحقيق تسوية عادلة. وبينما تتواصل الاعتداءات في الضفة الغربية، فإن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ موقف حاسم لحماية ما بقى من آمال الحل السياسي، ووقف محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة.