حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من أن قطاع غزة يعاني من “مجاعة جماعية من صنع الإنسان”، نتيجة الحصار المفروض على دخول المساعدات الإنسانية. وقد جاء تصريحه في مؤتمر صحفي افتراضي من جنيف، بعد نداء مشترك من أكثر من 100 منظمة إغاثية حذرت فيه من أزمة جوع غير مسبوقة، في ظل تكدس آلاف الأطنان من الغذاء والماء والدواء خارج حدود القطاع، دون السماح بدخولها.
قيود مشددة رغم رفع الحصار جزئيًا
منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، قطعت إسرائيل جميع الإمدادات إلى غزة. وفي مارس 2024، بلغ الحصار ذروته، ما أدى إلى نفاد مخزونات الغذاء بشكل كامل. وعلى الرغم من إعلان إسرائيل رفع الحصار جزئيًا في مايو، فإن القيود لا تزال تمنع دخول معظم المساعدات الضرورية.
إسرائيل تقول إنها تسمح بدخول المساعدات، لكنها تفرض رقابة صارمة لتفادي استخدامها من قبل الجماعات المسلحة. من جانبها، تؤكد منظمات الإغاثة أن الكميات التي يتم السماح بدخولها “غير كافية إطلاقًا” لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكان غزة.
ارتفاع حصيلة ضحايا الجوع
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، توفي 10 فلسطينيين إضافيين جوعًا خلال الساعات الماضية، لترتفع حصيلة الوفيات بسبب المجاعة إلى 111 شخصًا. كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن سوء التغذية أدى إلى وفاة 21 طفلًا على الأقل منذ بداية عام 2025، لكن هذه الأرقام تمثل “الحد الأدنى”، في ظل انهيار منظومة الرعاية الصحية وصعوبة جمع البيانات.
مراكز التغذية عاجزة عن الاستيعاب
أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن مراكز علاج سوء التغذية ممتلئة، وتفتقر إلى الإمدادات الأساسية لتوفير تغذية طارئة. وقد تفاقمت الأزمة نتيجة انهيار خطوط الإمداد وصعوبة الوصول إلى المحتاجين.
وأضاف تيدروس أن الأمم المتحدة وشركاءها لم يتمكنوا من إيصال أي مساعدات غذائية إلى القطاع لمدة تقارب 80 يومًا، بين شهري مارس ومايو، وحتى بعد استئناف الإمدادات، فإن الكميات لا تزال “بعيدة عن الحد الأدنى المطلوب”.
أرقام مقلقة في صفوف النساء والأطفال
بحسب ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تم إدخال أكثر من 5,100 طفل إلى برامج علاج سوء التغذية خلال يوليو فقط، بينهم 800 طفل في حالة هزال شديد. كما أظهرت الفحوص أن نحو 10% من السكان يعانون من سوء تغذية معتدل إلى حاد، إلى جانب 20% من النساء الحوامل.
في النهاية، تشير جميع المؤشرات إلى أن قطاع غزة يواجه كارثة إنسانية حقيقية بفعل الجوع، وسط تقاعس دولي وتباطؤ في إدخال المساعدات. تدعو منظمة الصحة العالمية والمجتمع الإنساني إلى تحرك عاجل لوقف هذا النزيف البشري، وفتح ممرات آمنة لإيصال الغذاء والدواء، قبل أن تتحول المجاعة إلى إبادة جماعية صامتة.