في تطور جديد ينذر بتصعيد عسكري في البحر الأحمر، أعلن الحوثيون في اليمن عزمهم استهداف السفن التجارية التابعة لأي شركة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، بغض النظر عن جنسية تلك الشركات أو وجهة السفن. ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات متزايدة في الملاحة، وسط مخاوف دولية متصاعدة بشأن تأثير هذه الهجمات على التجارة العالمية.
المرحلة الرابعة من “الحصار البحري”
أعلنت الجماعة، المدعومة من إيران، عن دخول ما وصفته بالمرحلة الرابعة من الحصار البحري” ضد إسرائيل. وأكدت أنها ستهاجم السفن المرتبطة بأي نشاط تجاري مع إسرائيل، في أي مكان يمكن أن تصل إليه قواتها. كما أكد بيان صادر عن الحوثيين مساء الأحد أن على الدول التي تتعامل مع إسرائيل أن تمارس الضغط لوقف الحرب في غزة ورفع الحصار عن القطاع، إذا أرادت تجنب التصعيد العسكري في البحر الأحمر ومحيطه.
اللافت أن بعض السفن باتت تحاول تفادي الهجمات ببث رسائل على أنظمة التتبع البحري (AIS) مثل “All Crew Muslim” في محاولة لإقناع الحوثيين بتجنب استهدافها، غير أن خبراء الأمن البحري يرون أن هذه الأساليب غير فعالة أمام معلومات استخباراتية دقيقة يستخدمها الحوثيون في تحديد الأهداف
استمرار الهجمات رغم التفاهمات
رغم إعلان واشنطن في مايو 2025 عن اتفاق مؤقت مع الحوثيين لوقف الغارات الجوية الأميركية مقابل وقف استهداف السفن، أكدت الجماعة اليمنية أنّ الاتفاق لا يشمل وقف الهجمات ضد أهداف مرتبطة بإسرائيل، ما يشير إلى نواياها في مواصلة التصعيد.
هجمات مميتة على سفن تجارية
في وقت سابق من هذا الشهر، هاجم الحوثيون سفينتين تجاريتين تحملان العلم الليبيري ومملوكتين لشركات يونانية هما: Magic Seas وEternity C. أسفر الهجوم على الأخيرة عن مقتل أربعة من طاقمها وأسر 11 آخرين، بينما تم إنقاذ طاقم السفينة الأولى بالكامل قبل غرقها.
على إثر ذلك، أعلنت الحكومة اليونانية إرسال سفينة إنقاذ متخصصة تدعى “Giant” إلى البحر الأحمر، بهدف تقديم الدعم اللوجستي ومهام الإنقاذ وتقليل مخاطر التلوث البحري الناتج عن هذه الاعتداءات.
أكثر من 100 هجوم منذ 2023
منذ نوفمبر 2023 وحتى ديسمبر 2024، نفذ الحوثيون أكثر من 100 هجوم باستخدام صواريخ وطائرات مسيّرة على سفن في البحر الأحمر، ما أدى إلى اضطراب حركة التجارة العالمية في واحد من أهم الممرات المائية، التي تمر عبره بضائع تزيد قيمتها على تريليون دولار سنويًا.
وقد أدت هذه الهجمات إلى انخفاض كبير في عدد السفن المارة يوميًا من 79 سفينة في أكتوبر 2023 إلى ما بين 32 و35 سفينة فقط في منتصف 2025، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التأمين بشكل غير مسبوق
كما توقفت هذه الهجمات لفترة قصيرة خلال هدنة في الحرب على غزة، قبل أن تستأنف الجماعة حملتها، متحدية الغارات الجوية المكثفة التي شنتها الولايات المتحدة على مواقعها، بأوامر من الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.
في النهاية، يشير تصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التوترات، خصوصًا مع ربط الجماعة تصعيدها بالحرب على غزة. ووسط غياب حلول سياسية، تظل الملاحة التجارية مهددة، مما يزيد الضغوط على المجتمع الدولي لإيجاد تسوية توقف التصعيد وتجنب كارثة بحرية أكبر.