سجلت الأسواق الأوروبية ارتفاعات محدودة في بداية تعاملات يوم الإثنين، في حين تراجع اليورو مقابل الدولار، وذلك في أعقاب الإعلان عن اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أنهى شهورًا من التوترات.
اتفاق تجاري يفرض تعريفات ويضخ استثمارات
الاتفاق، الذي وصفته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنه “أفضل ما يمكن للاتحاد الأوروبي الحصول عليه”، يتضمن سلسلة من البنود الجوهرية. أولًا، يفرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على معظم السلع الأوروبية، وهو ما يعتبر أقل بكثير من التهديدات السابقة بتعريفات تصل إلى 50%. ثانيًا، يشمل التزامًا من جانب الاتحاد الأوروبي بضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، ما يعكس رغبة أوروبية في تهدئة التوترات التجارية.
وأخيرًا، يفتح الاتفاق قطاعات جديدة في السوق الأوروبية أمام الشركات الأميركية، مما يخلق فرصًا إضافية للاستثمار. ومع ذلك، ترى عدة عواصم أوروبية أن الاتفاق يصب في مصلحة واشنطن بدرجة أكبر، لكنه في المقابل يجنب الجانبين الدخول في مواجهة تجارية أكثر ضررًا على الاقتصاد العالمي.
الأسواق تستجيب: ارتفاع المؤشرات وتراجع العملة الأوروبية
مع بدء التداولات، ارتفع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 0.7%، كما سجلت بورصات ألمانيا (DAX)، فرنسا (CAC 40)، إيطاليا (FTSE MIB)، وإسبانيا (IBEX) مكاسب تراوحت بين 0.4% و0.8%. في المقابل، انخفض اليورو بنسبة 0.3% أمام الدولار بعد ارتفاع قصير مع افتتاح الأسواق الآسيوية.
نظرة المحللين: بين “انتصار أميركي” وتقليل المخاطر
يرى محللو ING أن الاتفاق يعتبر أفضل بكثير من التهديدات السابقة التي تضمنت فرض تعريفات جمركية قد تصل إلى 50%، ما يجعله خيارًا أقل ضررًا نسبيًا. ومن جهة أخرى، وصف ديريك هالبني، خبير العملات في MUFG، الاتفاق بأنه “أخبار إيجابية للأسواق المالية”، مشيرًا إلى أنه يسهم في تقليل حالة عدم اليقين التي سادت في الفترة الماضية.
في المقابل، اعتبر محللو TD Securities أن الاتفاق يمثل “انتصارًا كبيرًا لأمريكا”، نظرًا لإلزام أوروبا بشراء الطاقة والمعدات العسكرية الأميركية، دون أن تفرض أوروبا في المقابل أي ردود جمركية، وهو ما يعزز مكاسب واشنطن في هذا التفاهم.
الأنظار تتجه نحو الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان
في هذا الأسبوع الحافل بالأحداث الاقتصادية، تتجه أنظار الأسواق العالمية نحو عدة مؤشرات مفصلية. أولًا، تترقب الأسواق قرارات أسعار الفائدة من كل من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك اليابان، وهي قرارات قد تُحدث تأثيرًا واسعًا على حركة الأسواق.
بالإضافة إلى ذلك، ينتظر المستثمرون صدور تقرير الوظائف الأميركية الشهري، الذي يُعد مؤشرًا رئيسيًا على قوة الاقتصاد الأميركي. وأخيرًا، تحظى نتائج الشركات العملاقة مثل آبل، مايكروسوفت، وأمازون باهتمام بالغ، حيث من المتوقع أن تؤثر بشكل مباشر على توجهات السوق وأسهم التكنولوجيا بشكل خاص.
رغم التوقعات بالإبقاء على أسعار الفائدة، ينتظر المستثمرون تصريحات صانعي القرار لمعرفة توجه السياسة النقدية، خصوصًا في ظل التوترات بين البيت الأبيض والفيدرالي حول خفض الفائدة.
تحركات الأسواق العالمية والسلع
في الأسواق الآسيوية، سجل مؤشر MSCI للأسهم الآسيوية تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.3%، بينما انخفض مؤشر نيكي الياباني بأكثر من 1%، وذلك بعد أن كان قد بلغ أعلى مستوى له خلال عام في وقت سابق. في المقابل، واصل الدولار الأسترالي ارتفاعه، مقتربًا من أعلى مستوى له منذ ثمانية أشهر، ما يعكس تحسنًا واضحًا في شهية المستثمرين للمخاطرة.
وعلى صعيد السلع، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 0.5% مدفوعة بأجواء التفاؤل الناتجة عن الاتفاق التجاري. في المقابل، انخفضت أسعار الذهب بنسبة 0.1% لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال أسبوعين، وذلك بسبب تراجع الطلب على الملاذات الآمنة في ظل تحسن الثقة في الأسواق.
اتفاق التجارة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي خفف من حدة المخاوف في الأسواق العالمية، لكنه يعكس أيضًا تحوّلات في موازين القوى الاقتصادية. بينما تستعد الأسواق لقرارات البنوك المركزية الكبرى، يظل تأثير هذا الاتفاق مرهونًا بردود الفعل الأوروبية ومدى استدامة التهدئة التجارية.